تطور جديد في أزمة سد النهضة.. ماذا فعلت مصر؟

سد النهضة

ماذا حدث؟

في 22 نوفمبر 2025، أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية لأول مرة رسمياً فتح مفيض توشكي جنوب البلاد، كإجراء استباقي لتصريف المياه الزائدة الناتجة عن التصرفات الأحادية والغير المنضبطة لإدارة سد النهضة الإثيوبي.

جاء الإعلان بعد ارتفاع منسوب بحيرة ناصر إلى 182 متراً، مما استدعى التصريف للحفاظ على أمان السد العالي الذي يصل ارتفاعه إلى 192 متراً.

كشفت صور الأقمار الصناعية التي نشرها الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عن فتح المفيض، مؤكداً أن هذا التصرف ضروري لتصريف الزيادة في منخفضات صحراء توشكي.

أدت التصرفات الإثيوبية إلى فيضانات في السودان غمرت مساحات كبيرة، وغرقت قرية دلهمو في المنوفية المصرية، مما دفع أربع محافظات أخرى إلى إعلان حالة الطوارئ.

هذا الإعلان يأتي بعد افتتاح إثيوبيا السد رسمياً في سبتمبر الماضي، وسط شكاوى متبادلة أمام مجلس الأمن، حيث تطالب مصر والسودان باتفاق ملزم، بينما ترفض أديس أبابا أي تدخل في سيادتها.

لماذا هذا مهم؟

يُعد فتح مفيض توشكي خطوة دفاعية استراتيجية لمصر، حيث يُحمي السد العالي – خط الدفاع الأول لـ95% من احتياجاتها المائية – من الانهيار، ويُعالج التقلبات الحادة في تدفق النيل الناتجة عن إدارة السد الإثيوبي العشوائية، التي زادت التصريف بنسبة 80% عن المتوسط التاريخي.

هذا الإعلان العلني لأول مرة يُنهي سياسة الصمت المصرية خلال سنوات التفاوض، ويُبرز كفاءة المنظومة المائية المصرية في التعامل مع الطوارئ، كما أكدت وزارة الري من خلال لجنة إيراد النهر التي ترصد الوضع لحظياً.

على الصعيد الإقليمي، يُعزز التصرف الوعي بمخاطر الإدارة الأحادية لسد يُسيطر على 85% من مياه النيل الأزرق، مما يُهدد أمن مصر والسودان المائي، ويُجدد الضغط الدبلوماسي لاتفاق ملزم يضمن حقوق المصب.

كما يُظهر الاعتماد على الأقمار الصناعية دور التكنولوجيا في كشف الانتهاكات، مما يُعقّد موقف إثيوبيا دولياً.

ماذا بعد؟

مع استمرار التصرفات الإثيوبية، من المتوقع أن تُعلن مصر عن خطط تطوير مفيض توشكي لزيادة قدرته التصريفية بالتعاون مع القوات المسلحة، مما يُعزز مرونة المنظومة أمام أي سيناريوهات مستقبلية.

قد تُقدّم القاهرة شكوى جديدة إلى مجلس الأمن تُبرز التقلبات الحادة كتهديد للأمن الإقليمي، مع دعم محتمل من السودان لفرض عقوبات.

في الوقت نفسه، ستُسرّع مصر جهود التنويع المائي عبر مشاريع استصلاح أراضي وتحلية مياه، لتقليل الاعتماد على النيل.

إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ملزم، قد يتصاعد التوتر إلى مواجهة دبلوماسية أشد، أو يُؤدي إلى سباق تسلح مائي يُعرّض المنطقة لأزمات أكبر.

في النهاية، يُمثل هذا التطور فرصة لمصر لتعزيز موقفها وحقها في مياه النيل، لكنه يُنذر بأزمة مائية طويلة الأمد إذا استمرت الإدارة الأحادية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *