إيبولا يضرب إفريقيا من جديد.. ما سر التفشي؟

إيبولا

ماذا حدث؟

أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم 4 سبتمبر 2025، عن اندلاع الوباء السادس عشر لفيروس إيبولا في مقاطعة كاساي، وتحديداً في منطقة بلابي الصحية، بعد تأكيد المختبرات الإيجابية لسلالة زائير إيبولا، الأشد فتكاً.

بدأ الوباء بحالة مؤشرة لامرأة حامل تبلغ 34 عاماً، أُدخلت إلى المستشفى في 20 أغسطس بأعراض حمى شديدة وإسهال دموي ونزيف، وتوفيت بعد خمسة أيام بسبب فشل متعدد الأعضاء.

أصيب اثنان من العاملين الصحيين اللذين عالجوها وتوفيا، مما أدى إلى انتشار الوباء داخل المنشآت الطبية.

بحلول 15 سبتمبر، سجل 81 حالة مؤكدة و28 وفاة، بما في ذلك أربعة من العاملين الصحيين، مع انتشار الحالات في منطقتي بلابي ومويكا.

أظهر التحليل الجيني أن الوباء ناتج عن انتقال جديد من حيوان إلى إنسان (spillover)، ربما من الخفافيش أو الرئيسيات، وليس استمراراً لوباء سابق مثل 2007 أو 2008 في كاساي، أو 2022 في إكواتور.

ينتقل الفيروس عبر الاتصال المباشر بدماء أو سوائل الجسم، مع فترة حضانة من 2 إلى 21 يوماً، وأعراض تبدأ بحمى وإرهاق ثم تتطور إلى قيء ونزيف، مما يؤدي إلى معدل وفيات يصل إلى 50-90% بدون علاج مبكر.

لماذا هذا مهم؟

يُعد هذا الوباء تذكيراً بتهديد إيبولا المستمر في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث سجلت الكونغو 15 وباءً سابقاً منذ اكتشاف الفيروس عام 1976، مع أكبرها في غرب إفريقيا 2014-2016 الذي أصاب 28 ألفاً وأودى بحياة 11 ألف.

سر التفشي يكمن في التحديات المتعددة في كاساي، المنطقة النائية التي تفتقر إلى الطرق والطائرات، مما يعيق الوصول إليها (يستغرق الوصول من العاصمة كينشاسا يومين إلى ثلاثة أيام)، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة التي تعيق النقل والوصول إلى المجتمعات.

كما يدير الكونغو حالياً أوبئة أخرى مثل الجمرة الخبيثة (mpox) والكوليرا والحصبة، مما يرهق الموارد الصحية ويقلل من التركيز على إيبولا.

يزداد الخطر بسبب القرب من مدينة تشيكابا والحدود مع أنغولا، حيث يتنقل الناس للتجارة، بالإضافة إلى ممارسات الجنازات التقليدية ونقص المعدات الواقية للعاملين الصحيين، الذين يُعدون خط الدفاع الأول.

أهميته تكمن في أن الفيروس يمكن أن ينتشر سريعاً داخل العائلات والمستشفيات، ويُعيد إلى الأذهان كيف أدت التأخيرات في الكشف والاستجابة الدولية إلى خسائر هائلة سابقاً، مما يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي إذا لم يُحتوَ.

ماذا بعد؟

بدأت الاستجابة الفورية بتطعيم “حلقي” (ring vaccination) للعاملين الصحيين وجهات الاتصال بـ400 جرعة من لقاح إيربوفو (rVSV-ZEBOV)، الذي أثبت فعالية 100% عند التطعيم الفوري و84% في الوباء السابق، مع خطط لإرسال 2000 جرعة إضافية من كينشاسا.

نشرت منظمة الصحة العالمية (WHO) وأفريكا CDC فرقاً سريعة الاستجابة لتعزيز المراقبة وتتبع الاتصالات والعزل، مع بناء مستشفيات ميدانية لزيادة السعة (الوحدة الحالية 15 سريراً فقط).

كما يُركز على الرعاية الداعمة مثل الإماهة والأدوية المضادة للأجسام، وتوعية المجتمعات لتجنب الجنازات التقليدية.

كشف الذكاء الاصطناعي مثل EPIWATCH عن إشارات مبكرة في سبتمبر، مما ساعد في الكشف السريع. تقيم WHO الخطر مرتفعاً وطنياً ومتوسطاً إقليمياً ومنخفضاً عالمياً، وإذا حُتوي الوباء سريعاً، قد يبقى محلياً كما في 2022.

ومع ذلك، إذا استمر النزاع والتأخيرات، قد ينتشر إلى أنغولا أو يتطلب تدخلاً دولياً أوسع، مع الحاجة إلى دعم لوجستي مستمر للحد من الوفيات.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *