ماذا حدث؟
في الأيام الأخيرة، أثار لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض جدلاً واسعًا، حيث وصف ترامب الاجتماع بأنه “جيد جداً” وأشاد بشرع كرجل قوي قادر على إعادة إعمار سوريا بعد سنوات الحرب المدمرة.
كان هذا اللقاء الثالث بين الرجلين، بعد اجتماعهما الأول في الرياض بمايو 2025، ثم في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويُعد أول زيارة لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ استقلال البلاد عام 1946.
خلال الزيارة، انضممت سوريا إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، ومددت واشنطن إغلاق العقوبات عليها لستة أشهر إضافية، مع خطط لإقامة وجود عسكري أمريكي في قاعدة جوية بدمشق لدعم اتفاق أمني مع إسرائيل.
أما اليوم، 16 نوفمبر 2025، فقد أفادت تقارير إعلامية، مستندة إلى مجلة “المجلة”، عن جهود سورية مكثفة لترتيب زيارة ترامب إلى دمشق قريباً، حيث أعلن ترامب أن “مزيداً من الاتفاقيات سيتم الإعلان عنها هناك إذا تم التوقيع عليها”.
هذه التطورات تأتي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 ولجوئه إلى موسكو، حيث تولى الشرع السلطة كقائد سابق لفصائل معارضة، محولاً نفسه إلى زعيم يسعى للانفتاح الدولي.
لماذا هذا مهم؟
يُمثل هذا التقارب الدبلوماسي تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، التي عانت عقوداً من العزلة بسبب عقوبات قاسية وحرب أهلية أودت بحياة مئات الآلاف ودمرت البنية التحتية.
إنهاء العقوبات المؤقت وانضمام سوريا إلى التحالف ضد داعش يفتحان أبواباً لمساعدات اقتصادية وعسكرية، مما يُعزز شرعية الشرع دولياً ويُسرع إعادة الإعمار، خاصة مع دعم الخليج الذي كان ينتظر إشارة واشنطن.
كما يُشجع الضغط الأمريكي على اتفاق مع إسرائيل، الذي شهد جولات مفاوضات في باكو وباريس، على خفض التوترات الحدودية، مما يُقلل من خطر تصعيد إقليمي يشمل إيران وحزب الله.
بالنسبة لترامب، يُعزز هذا النجاح صورته كوسيط سلام، مشابه لجهوده في الإبراهيميات، ويُساعد في مواجهة نفوذ روسيا والصين في المنطقة، بينما يُمنح الشرع فرصة لإثبات اعتدال ماضيه الجهادي وتوحيد بلاده.
أخيراً، يُبرز الحدث أهمية الدبلوماسية الشخصية في حل النزاعات المعقدة، حيث يُمكن لزيارة دمشق أن تُصبح رمزاً لعصر جديد من الاستقرار السوري.
ماذا بعد؟
مع استمرار الجهود السورية لترتيب الزيارة، من المتوقع أن تُعلن واشنطن عن اتفاقيات إضافية قريباً، بما في ذلك رفع دائم للعقوبات وتعاون أمني مع إسرائيل، مما يُعزز الوجود العسكري الأمريكي في دمشق.
قد يؤدي ذلك إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية بشكل فعال ومشاركتها في مبادرات اقتصادية إقليمية، لكن التحدي يكمن في الحصول على موافقة الكونغرس على إلغاء العقوبات الدائم، مع مخاوف بشأن ماضي الشرع.
إذا نجحت الزيارة، ستُصبح خطوة تاريخية تُسرع الاستثمارات الخليجية وتُقلل الاعتماد على إيران، مما يُعيد رسم الخريطة الجيوسياسية.
ومع ذلك، يظل النجاح مرهوناً بتقدم المفاوضات مع إسرائيل واستقرار الداخل السوري، حيث يُمكن لأي عثرة أن تُعيد التوترات.