ماذا حدث؟
في يونيو 2025، اندلعت حرب قصيرة الأمد بين إيران وإسرائيل استمرت اثني عشر يوماً، بدءاً من 13 يونيو، حيث شنت إسرائيل ضربات جوية واسعة النطاق على مواقع نووية وعسكرية إيرانية، بالإضافة إلى اغتيال مسؤولين وخبراء إيرانيين، في عملية وُصفت بأنها وقائية لمواجهة تهديد نووي محتمل.
ردت إيران بإطلاق صواريخ باليستية ألحقت أضراراً بمنشآت إسرائيلية حيوية، مثل مصفاة نفط في حيفا ومختبرات في معهد وايزمان، مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية على الجانبين.
انتهت الحرب بوقف إطلاق نار في 24 يونيو، بوساطة أمريكية، بعد هجوم إيراني على قاعدة أمريكية في قطر، حيث أعلن الرئيس ترامب التدخل لإنهاء التصعيد.
في الأشهر التالية، أظهرت تصريحات القادة الإيرانيين، خاصة المرشد الأعلى علي خامنئي، عودة إلى الثقة السابقة، حيث وصف الحرب بانتصار استراتيجي، مشدداً على قدرة الصواريخ الإيرانية على اختراق الدفاعات الإسرائيلية، وتفاخراً باستعداد القوات لجولة أخرى إذا لزم الأمر.
كما أكد علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، في مقابلة تلفزيونية، أن إيران اكتسبت الأفضلية تدريجياً، مستشهداً بمصادر إسرائيلية تؤكد الضرر الذي لحق بها، ومُنكراً أي طلب إيراني لوقف القتال.
لماذا هذا مهم؟
تعكس عودة إيران إلى ثقتها السابقة تحولاً في التوازن الاستراتيجي الإقليمي، حيث يرى القادة في طهران أنفسهم في موقع أقوى للردع، مما يُعقد السياسة الأمريكية تجاه المنطقة.
على عكس التصور الغربي الذي يركز على هزائم إيران، تقدم طهران رواية متماسكة عن نصر حقيقي، مدعومة بأدلة من مصادر إسرائيلية وأمريكية، مثل تصريحات ترامب عن الضربات الإيرانية الناجحة.
هذا الإحساس بالقوة يقلل من دافع إيران للعودة إلى المفاوضات النووية، معتبرة إياها “طريقاً مسدوداً”، ويُبرز تركيزها على تعزيز البرنامج الصاروخي كأداة ردع رئيسية.
كما يُظهر التحليل الإيراني للأحداث كيف يُسيء النظام تفسير النتائج لتعزيز التماسك الداخلي، مما يُعزز من خطر التصعيد المستقبلي، خاصة مع إعادة بناء مصانع الصواريخ بمساعدة صينية.
بالنسبة لواشنطن، يُشكل هذا تحدياً، إذ يتطلب تقييماً أكثر دقة للقدرات الإيرانية، بعيداً عن الافتراضات السائدة، لتجنب سوء التقدير الذي قد يؤدي إلى مواجهات أكبر.
ماذا بعد؟
مع استعادة إيران ثقتها، من المتوقع أن تستمر في سياسة “المقاومة”، محولةً جهودها نحو تطوير الصواريخ أكثر من النووي، مما قد يُسرع من استعدادها لتحديات مباشرة ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة.
قد لا تعود طهران إلى المفاوضات النووية قريباً، معتبرةً أن قوتها الحالية تكفي للضغط على الخصوم، كما أكد المتحدث بوزارة الخارجية إسماعيل بقائي في نوفمبر 2025.
في النهاية، يُمثل هذا الوضع فرصة لإعادة صياغة الاستراتيجية الغربية، مع التركيز على الردع الشامل لمنع حرب أخرى، بينما تبقى إيران قادرة على الانتظار لللحظة المناسبة للتحرك.