ماذا حدث؟
مع دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، بعد اتفاق برعاية أمريكية-مصرية-قطرية يشمل تبادل رهائن وانسحاباً إسرائيلياً جزئياً، تحولت الأنظار إلى لبنان، حيث يستمر التوتر على الحدود الجنوبية.
فتح حزب الله “جبهة إسناد غزة” قبل نحو سنتين بهجمات صاروخية ومسيّرات محدودة، لكن الرد الإسرائيلي تصاعد إلى غارات جوية وعمليات برية في الجنوب، مما أدى إلى مقتل آلاف اللبنانيين ونزوح عشرات الآلاف.
رغم هدنة نوفمبر 2024 بين إسرائيل وحزب الله، التي حددت انسحاباً إسرائيلياً مقابل نزع سلاح الحزب جنوب نهر الليطاني، أفادت الأمم المتحدة بـ4500 انتهاك إسرائيلي حتى أكتوبر 2025، بما في ذلك قصف مدنيين وهدم بنى تحتية.
في 11 أكتوبر، شن الجيش الإسرائيلي غارات على مواقع حزب الله في المصيلح، مما أسفر عن قتيل وجرحى، معتبراً ذلك ردّاً على إعادة بناء بنى عسكرية تنتهك قرار 1701.
أكد حزب الله التزامه بالهدنة، لكنه شدّد على عدم التنازل عن سلاحه، وسط تعزيزات لبنانية للجيش في الجنوب وانسحاب إسرائيلي جزئي من نقاط مثل النقورة في يناير 2025، مع بقاء قوات في خمس مواقع استراتيجية حتى فبراير.
لماذا هذا مهم؟
يُعد نهاية حرب غزة، التي أضعفت حماس، تحولاً استراتيجياً يعزل حزب الله إقليمياً، حيث حققت إسرائيل أهدافها في القطاع بينما يظل التهديد الشمالي قائماً، مما يمنحها هامشاً للتركيز على لبنان كـ”التهديد المتبقي”.
أهميته تكمن في زيادة الضغوط الدولية على لبنان لنزع سلاح الحزب، مدعومة بقرار 1701، وسط حكومة جديدة في بيروت بعد تغييرات في سوريا، كما ناقش مجلس الأمن في مارس 2025.
داخلياً، يعاني لبنان من انقسامات سياسية، حيث يفقد الحزب غطاءه مع نأي حلفائه ومطالبتهم بحصر السلاح بالدولة، مما يهدد دوره كـ”دولة داخل الدولة”.
اقتصادياً، يفاقم التوتر الأزمة، مع نزوح مستمر ودمار جنوبي، ويرتبط مصير الحزب بتفاهمات طهران-واشنطن، حيث يرفض إيران نزع السلاح كـ”حلم غير قابل للتحقق”.
إقليمياً، يعزز الاتفاق الإسرائيلي السيطرة، لكنه يثير مخاوف من تصعيد يعيق إعادة الإعمار ويؤثر على الاستقرار في الشرق الأوسط.
ماذا بعد؟
مع اقتراب انتهاء هدنة نوفمبر 2024، يُتوقع تمديدها أو مفاوضات مباشرة لترسيم الحدود، مدعومة بجهود أمريكية، لكن إسرائيل قد تستمر في ضربات موضعية لاستنزاف الحزب، كما حدث في يوليو 2025 ببناء قواعد دائمة جنوب الخط الأزرق.
إذا نجحت الخطة، فقد يؤدي نزع سلاح تدريجي للحزب إلى استقرار يجذب استثمارات، مع نشر أممي أقوى، لكن الفشل يهدد بحرب شاملة، خاصة مع تصريحات إسرائيلية بـ”إنهاء المهمة”.
داخلياً، قد يدفع الضغط الشعبي حكومة لبنان نحو تطبيق 1701، مما يعزز وقوف الجيش مقابل الحزب، لكن رفض الأخير يعتمد على إيران.
في النهاية، يعتمد مصير لبنان على توازن بين الضغوط الدولية والداخلية، حيث قد يصبح “الجبهة الشمالية” هدفاً لـ”سلام إقليمي شامل” أو جبهة تصعيد جديدة.