ماذا حدث؟
في الأشهر الأخيرة من 2025، عاد العديد من الإيرانيين المعارضين واللاجئين إلى بلادهم بعد تلقيهم “رسالة أمان” رسمية من القنصليات الإيرانية، خاصة في السليمانية بإقليم كردستان العراق.
هذه الرسالة تؤكد عدم وجود موانع أمنية أو قضائية، وتُمنح عبر بوابة إلكترونية أطلقتها وزارة الخارجية بموجب قانون “دعم الإيرانيين في الخارج” الذي صادق عليه البرلمان في يوليو 2025.
من أبرز الحالات شاب يُدعى سردار، عاد قبل ستة أشهر بعد فقدان عمله، ليُعتقل فور وصوله من قبل جهاز الاستخبارات دون معرفة عائلته بمكانه أو التهمة.
كذلك الصحفي الأمريكي-الإيراني رضا ولي زاده الذي عاد في 2023 وحُكم عليه بعشر سنوات سجن، ثم نُقل إلى سجن فشافويه حيث تدهورت صحته. منظمة “هنغاو” وثّقت عشرات الحالات المماثلة، حيث يُعتقل العائدون فوراً رغم الضمانات الرسمية.
لماذا هذا مهم؟
تُعد “رسالة الأمان” أداة خداع منظمة تستخدمها السلطات الإيرانية لاستدراج المعارضين والناشطين الذين هربوا بعد احتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية” في 2022، أو الذين ينشرون انتهاكات النظام من الخارج.
الهدف المزدوج واضح: داخلياً، تريد طهران إثبات قدرتها على الوصول إلى كل معارض في أي مكان، وخارجياً، تقلل من تأثير الشتات السياسي الذي يكشف جرائم النظام أمام العالم.
كما تُستخدم هذه العودات لاحتجاز رهائن مزدوجي الجنسية يُبادلون لاحقاً بدبلوماسيين أو عملاء إيرانيين معتقلين في أوروبا بتهم الإرهاب.
هذا الأسلوب ليس جديداً، فقد ظهر في عهد خاتمي 1997 ثم تكرر، لكنه ازداد كثافة بعد 2022 لمواجهة الضغط الدولي المتزايد على ملف حقوق الإنسان في إيران.
ماذا بعد؟
ستستمر إيران في توسيع حملات “رسالة الأمان” عبر قنصلياتها في تركيا وأرمينيا ودبي، مستغلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للاجئين. من المتوقع أن تُصدر منظمات حقوقية دولية تحذيرات جديدة، وربما تُدرج الأمم المتحدة هذه الممارسة ضمن تقاريرها عن “الاعتقال التعسفي”.
داخلياً، قد يدفع استمرار الاعتقالات العائدين الجدد إلى الإضراب عن الطعام أو التمرد في السجون مثل إيفين وفشافويه.
أما على المدى الأبعد، فكلما زاد عدد الضحايا الموثقين، كلما فقدت طهران مصداقيتها أمام المعارضة في الخارج، مما يُعزز رفض العودة ويُكثف نشاط المعارضة من الخارج.
في النهاية، تبقى الرسالة واضحة: لا أمان حقيقياً لمن يخالف النظام، حتى لو كُتب بأجمل العبارات الرسمية.