ماذا حدث؟
مع دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025، بعد اتفاق برعاية أمريكية-مصرية-قطرية، أعادت حركة حماس نشر عناصرها تدريجياً في الشوارع لملء الفراغ الأمني، مستفيدة من “تفويض مؤقت” ألمح إليه الرئيس دونالد ترامب للحفاظ على الاستقرار ومنع الجرائم.
في 13 أكتوبر، أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحماس حصاراً واشتباكاً مع مجموعة مسلحة في غزة قتلت نازحين عائدين من الجنوب، واعتقال 60 عنصراً في خان يونس بعد مواجهات.
تصاعدت الأحداث في 14 أكتوبر بشرق غزة، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في الشجاعية أثناء مداهمات لحماس لتفكيك “شبكة متعاونين مع إسرائيل”، أسفرت عن مقتل 32 من “المطلوبين” و6 من عناصر الحركة، وفق “رويترز”.
انتشرت مشاهد لإعدامات علنية لفلسطينيين مكبلي الأيدي، وصفها مصدر أمني في حماس بـ”التعامل وفق قواعد الاشتباك مع مطلوبين رفضوا التسليم”.
أكدت الحركة عبر إسماعيل الثوابتة عدم السماح بفراغ أمني، مع نشر كتائب عز الدين القسام أثناء تحرير آخر الرهائن الإسرائيليين.
لماذا هذا مهم؟
تعكس هذه الأحداث صراعاً داخلياً حاداً في غزة بعد الحرب، حيث تستغل حماس الفراغ الناتج عن الانسحاب الإسرائيلي الجزئي لاستعادة السيطرة، متهمة مجموعات مثل “القوات الشعبية” وعشائر الدغمش وأبو شباب بالتعاون مع إسرائيل، كما أفادت “الجزيرة” عن اشتباكات سابقة في سبتمبر 2024.
أهميتها تكمن في أنها تهدد الاستقرار الذي يُفترض أن يحققه الاتفاق الـ20 نقطة، الذي ينص على تنحي حماس عن السلطة ونزع سلاحها لصالح لجنة فلسطينية بإشراف دولي، مما يثير مخاوف من حرب أهلية تعيق إعادة الإعمار وتدفق المساعدات، خاصة مع مقتل صحفي مثل صالح الجعفراوي في اشتباكات 12 أكتوبر.
سياسياً، يُظهر التفويض الأمريكي المؤقت تناقضاً، حيث يمنح حماس دوراً شرطياً قصير الأمد لمنع الفوضى، لكنه يُعزز نفوذها مؤقتاً رغم رفضها لنزع السلاح، كما قال خليل الحية.
إقليمياً، يُفاقم التوترات، مع اتهامات لإسرائيل بدعم هذه المجموعات لزعزعة الاستقرار، مما يهدد السلام الشامل.
ماذا بعد؟
مع استمرار الاشتباكات في جباليا والشجاعية، من المتوقع تصعيداً أمنياً قصير الأمد لحماس للقضاء على “الخارجين عن القانون”، لكن ذلك قد يؤجج صراعات عشائرية أوسع، خاصة في الجنوب حيث تتحدى مجموعات مدعومة إسرائيلياً سيطرة الحركة، كما حدث مع عشيرة المجيدة في أكتوبر.
في المرحلة الثانية من الخطة، ستُجرى مفاوضات في شرم الشيخ حول نزع السلاح تدريجياً وتشكيل قوة أمن فلسطينية بتدريب أممي، مع نشر مهمة دولية للاستقرار، كما أكد ماكرون وستارمر.
إذا نجحت، ستُعزز السلطة الفلسطينية دورها في غزة، مما يقلل نفوذ حماس، لكن الفشل –بسبب رفض الحركة أو تدخلات إسرائيلية– قد يؤدي إلى انهيار الهدنة وتصعيد جديد، كما حذرت “بي بي سي” من 27 قتيلاً في اشتباكات عشائر.
في النهاية، يعتمد الاستقرار على ضمانات أمريكية لمنع الفراغ الأمني، مما قد يحول غزة إلى نموذج للسلام أو ساحة للانقسامات الداخلية.