ماذا حدث؟
في تحول وصفه مراقبون بـ”الأعمق منذ عقود”، أعلنت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد، خلال لقائها بعدد من المسؤولين في الشرق الأوسط، أن الاستراتيجية الأميركية القديمة القائمة على “تغيير الأنظمة وبناء الدول” قد انتهت رسميًا في عهد الرئيس دونالد ترامب.
التصريحات المفاجئة لغابارد جاءت قبل انطلاق حوار المنامة، القمة الأمنية السنوية التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الأمنية في البحرين، حيث عكست ملامح توجه جديد في السياسة الأميركية يتخلى عن نهج الهيمنة التقليدي لصالح براغماتية تركز على الاستقرار والرخاء الإقليمي.
من “نشر الديمقراطية” إلى “ضمان المصالح”
غابارد أوضحت أن إدارة ترامب في ولايته الثانية استبدلت الأهداف الكلاسيكية لواشنطن، مثل دعم حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية، بنهج واقعي أكثر تركيزًا على المصالح الاقتصادية والأمنية.
وقالت إن هذا التحول “أنهى عقودًا من التورط في صراعات خارجية غير مثمرة”، في إشارة إلى الحروب الطويلة التي خاضتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
تحولات في الشرق الأوسط
السياسة الأميركية الجديدة، بحسب غابارد، ركزت على تحقيق الاستقرار الإقليمي بدلًا من إسقاط الأنظمة، مشيرة إلى جهود واشنطن في التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، إضافة إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية التي استمرت 12 يومًا على إيران، عقب هجمات جوية أميركية استهدفت مواقع نووية إيرانية.
“نهج واحد يناسب الجميع”.. انتهى
غابارد وصفت التجارب السابقة بأنها “حلقة مفرغة من التدخلات المكلفة”، وقالت: “على مدى عقود، ظلت سياستنا الخارجية محاصرة في دوامة من محاولات تغيير الأنظمة أو بناء الدول، بنهج واحد يناسب الجميع، يقوم على إسقاط الحكومات وفرض نظامنا السياسي على الآخرين”.
وأضافت أن هذا النهج جعل واشنطن تكتسب أعداء أكثر من الحلفاء، بعد أن أنفقت تريليونات الدولارات وخسرت أرواحًا لا تُحصى، وخلّفت تهديدات أمنية أكبر مما كانت تحاول معالجته في الأصل.
ماذا بعد؟
بهذا التصريح، تُرسي الولايات المتحدة ملامح تحول استراتيجي جديد في سياستها الخارجية، يهدف إلى الابتعاد عن مغامرات “تغيير الأنظمة” والتركيز على تحقيق التوازن والمصالح الأميركية المباشرة، في مشهد قد يعيد رسم خريطة النفوذ العالمي خلال السنوات القادمة.