ماذا حدث؟
في السنوات الأخيرة، برزت إسرائيل كلاعب جديد في منطقة الساحل الإفريقي، التي كانت تقليديًا مسرحًا للتنافس بين قوى عالمية مثل فرنسا وروسيا والصين.
شهدت مدن مثل نجامينا وباماكو ونيامي زيارات وفود أمنية إسرائيلية، إلى جانب عقد لقاءات سرية وتوقيع اتفاقيات تعاون في مجالات الزراعة والتكنولوجيا.
اتفاقيات أبراهام في عام 2020، التي طبّعت العلاقات مع المغرب، فتحت الباب أمام إسرائيل لتعزيز وجودها في القارة الأفريقية، مستفيدة من علاقاتها الجديدة مع دول عربية.
في تشاد، على سبيل المثال، تزايدت الإشارات إلى استئناف العلاقات مع إسرائيل بعد تولي محمد ديبي السلطة عقب مقتل والده عام 2021، مع تقارير تشير إلى تورط إسرائيلي محتمل في دعم انتقال السلطة.
هذه التطورات ترافقها صفقات عسكرية تشمل توريد أسلحة متطورة وتدريب قوات خاصة، إلى جانب مشاريع اقتصادية تركز على التكنولوجيا الزراعية، وإدارة المياه، والأمن السيبراني.
لماذا هذا مهم؟
يحمل التوغل الإسرائيلي في الساحل الإفريقي دلالات استراتيجية بعيدة المدى:
أمنيًا، تسعى إسرائيل لمواجهة تهديدات الجماعات التي ترى فيها خطرًا على مصالحها، خاصة تلك المرتبطة بحزب الله.
اقتصاديًا، ترى إسرائيل في الساحل خزانًا للموارد الطبيعية والمعادن النادرة، مما يعزز فرص الاستثمار في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والصحة.
اتفاقيات أبراهام وعلاقاتها مع المغرب منحت إسرائيل قاعدة انطلاق لتوسيع نفوذها جنوبًا، مستفيدة من رغبة الأنظمة المحلية في شراكات تقدم حلولًا عملية بدلاً من الخطابات الأيديولوجية.
ومع ذلك، يثير هذا التوجه جدلاً داخليًا في دول مثل تشاد، حيث يواجه النظام الحاكم انتقادات بشأن شرعيته وسط تعاطف شعبي واسع مع القضية الفلسطينية.
كما أن تصاعد التوترات في غزة يعقد جهود إسرائيل لكسب قبول شعبي، حيث تواجه إدانات دولية بسبب سياساتها.
ماذا بعد؟
ستواجه إسرائيل تحديات كبيرة في تثبيت نفوذها بالساحل الإفريقي، فالمنافسة مع قوى عالمية مثل روسيا والصين، إلى جانب التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، قد تعيق طموحاتها.
الأنظمة المحلية، التي تبحث عن توازن بين المكاسب الاقتصادية والشرعية السياسية، قد تجد نفسها تحت ضغط شعبي متزايد إذا استمرت في التعاون مع إسرائيل.
على المدى الطويل، قد تعتمد إسرائيل على تعزيز التعاون التكنولوجي والاقتصادي لتجاوز الانتقادات، مستغلة خبرتها في قطاعات مثل الأمن السيبراني والزراعة.
ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستراتيجية يتوقف على قدرتها على تقديم فوائد ملموسة للدول الإفريقية دون إثارة توترات إقليمية أو شعبية، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.