استراتيجية الأمن القومي.. كيف ناقض ترامب نفسه؟

هل يتخلى ترامب عن الشرق الأوسط؟

ماذا حدث؟

أصدر البيت الأبيض استراتيجية الأمن القومي الجديدة (NSS) للولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، وهي وثيقة من 33 صفحة تركّز على تحول جذري في السياسة الخارجية الأمريكية.

الوثيقة تُعلن تقليص التركيز العسكري التقليدي في الشرق الأوسط وأوروبا، مع الاعتماد على شراكات اقتصادية في الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي، وتُبرز “دبلوماسية غير تقليدية” لإنهاء النزاعات مثل وقف إطلاق النار في غزة واتفاقات سلام في آسيا وأفريقيا.

ومع ذلك، تُحتوي على تناقضات واضحة مع استراتيجية 2017، مثل انتقاد أوروبا بـ”التهديد بالمحو الحضاري” رغم تأكيد التزام بالناتو، ورفض “بناء الأمم” مع التركيز على “أمريكا أولاً”، ووصف ترامب بـ”رئيس السلام” رغم عمليات عسكرية في الكاريبي.

الوثيقة تُشيد بترامب كـ”مُصحِّح” لأخطاء الإدارات السابقة، وتُرفع النصف الغربي إلى أولوية وجودية، مع انتقادات لأوروبا بسبب الهجرة والاقتصاد.

لماذا هذا مهم؟

الاستراتيجية تُكشف تناقضاً عميقاً في رؤية ترامب: في 2017، كانت الوثيقة محاولة لـ”تدجين” ترامب من قبل “الدولة العميقة” (مثل H.R. McMaster)، حيث ركّزت على “المنافسة الكبرى” مع الصين وأكّدت قيمة الناتو كـ”ميزة استراتيجية”.

أما الآن، فهي تعكس “ترامب المُحرَّر”، حيث يُفرض رؤيته على البيروقراطية، مع انتقادات لأوروبا كـ”منطقة في خطر المحو الحضاري” رغم التزام بالدفاع المشترك، ورفض “الحروب الدائمة” مع التركيز على صفقات تجارية تُفضّل الديكتاتوريين.

هذا التناقض يُضعف مصداقية الاستراتيجية، حيث تُدعو للتحالفات مع أوروبا بينما تُهدّد بتركها تواجه روسيا وحدها، وتُشجّع على السلام مع إيران بينما تُدعم إسرائيل عسكرياً.

يُثير ذلك مخاوف حلفاء مثل أوروبا، التي تُرى كـ”رفيق غير مُساهِم”، حيث تُعكس نسخة “ترامب 2.0” الرئيس الأمريكي كرئيس يُفضّل الإرث الشخصي على الاستقرار، مما يُهدّد التحالفات التقليدية.

ماذا بعد؟

مع مرور الشهور، ستُختبر الاستراتيجية في أزمات حقيقية مثل أوكرانيا، حيث قد يُضغط ترامب على كييف لقبول صفقة غير متوازنة مع موسكو، أو في الشرق الأوسط، حيث يُوسّع اتفاقيات إبراهام لكن يُقلّل الدعم العسكري.

في النصف الغربي، ستُركّز على مكافحة الكارتلات في فنزويلا، لكن التناقضات قد تُؤدي إلى فشل في التنفيذ، خاصة مع انتخابات الكونغرس في 2026.

إذا نجحت، ستُعيد رسم التحالفات نحو “التجارة أولاً”، لكن الفشل قد يُعزّز عزلة أمريكا.

في النهاية، الاستراتيجية تُكشف ترامب كرئيس يُفضّل الإرث الشخصي على تماسك الحلفاء، مما يُجعل السياسة الخارجية غير متوقعة لثلاث سنوات قادمة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *