لماذا لا يزال الدولار العملة المهيمنة في العالم؟

الدولار

ماذا حدث؟

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبح الدولار الأمريكي العملة الاحتياطي العالمي الرئيسي بموجب اتفاقية بريتون وودز عام 1944، حيث رُبطت العملات الأخرى بالدولار المعزز بالذهب، قبل أن يتحول إلى نظام تعويم في 1971.

اليوم، يشكل الدولار 58% من الاحتياطيات النقدية الأجنبية العالمية، مقارنة بـ20% لليورو، وفق بيانات صندوق النقد الدولي لعام 2025.

رغم التراجع التدريجي من 71% في 2000 إلى 58% اليوم، بسبب تنويع الاحتياطيات نحو عملات أخرى مثل اليورو والين واليوان، إلا أن الدولار يسيطر على 88% من معاملات العملات الأجنبية، 64% من الديون الدولية، و70% من إصدارات الديون بالعملات الأجنبية، وفق تقرير الاحتياطي الفيدرالي لعام 2025.

في قمة بريكس 2025 في البرازيل، خففت الدول الأعضاء من خطط “التخلص من الدولار” علناً بسبب التعريفات الأمريكية العالية، لكنها استمرت في بناء بدائل مثل نظام الدفع عبر الحدود الصيني (CIPS)، الذي انضم إليه بنوك كبرى في عدة دول.

مع ذلك، لم يؤدِ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022 أو العقوبات الأمريكية إلى انخفاض كبير في حصة الدولار، بل زاد من شراء الذهب كبديل جزئي.

لماذا هذا مهم؟

يمنح هيمنة الدولار “امتيازاً مفرطاً” للولايات المتحدة، حيث يسمح لها بالاقتراض بتكاليف منخفضة (30% من السندات الحكومية الأمريكية مملوكة لأجانب)، وفرض عقوبات مالية مؤثرة، كما في حالة روسيا، دون تأثير كبير على اقتصادها.

أهميته تكمن في أنه يدعم الاستقرار العالمي، حيث يُستخدم في تسعير السلع مثل النفط (البترودولار)، ويُشكل 54% من فواتير التجارة الدولية، مما يقلل التكاليف والمخاطر للتجارة العالمية.

الدولار يتمتع بست صفات أساسية: سيولة عالية، واستقرار قيمة، وحجم سوق أمريكي هائل (25% من الناتج العالمي)، وأسواق مالية عميقة، وسياسات نقدية موثوقة، وشبكة تأثير عالمي، مما يجعل بدائله مثل اليوان (3% فقط) غير قادرة على المنافسة بسبب قيود الصين الرأسمالية.

هذا السيطرة يُعزز النفوذ الجيوسياسي الأمريكي، لكنه يُثير مخاوف من “تسليح الدولار”، مما دفع بريكس إلى زيادة الذهب في الاحتياطيات، مع ذلك، أي انخفاض كبير قد يؤدي إلى فوضى اقتصادية عالمية، كما حدث في أزمات سابقة.

ماذا بعد؟

رغم الجهود للتنويع، يُتوقع أن يبقى الدولار مهيمناً قصير ومتوسط الأجل، مع تراجع تدريجي إلى 50% بحلول 2030، بسبب عدم وجود بديل قوي، وفق توقعات الاحتياطي الفيدرالي.

سياسات ترامب التجارية، مثل التعريفات بنسبة 10-100%، قد تُسرع التنويع في بريكس، لكنها ستُعاقب الدول المحاولة، مما يعزز الاعتماد على الدولار.

قد ينمو دور اليورو إلى 25% إذا اتحّدت أوروبا مالياً، واليوان إلى 10% مع توسع CIPS، لكن الدولار سيظل الأكثر سيولة.

في النهاية، يعتمد مستقبله على استقرار الاقتصاد الأمريكي؛ إذا استمر الدين العام في الارتفاع (120% من الناتج)، قد يُضعف الثقة، لكن الشبكة العالمية ستحافظ على هيمنته لعقود.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *