ماذا حدث؟
في الأسابيع الأخيرة، شهد العراق تحركات عسكرية أمريكية أثارت تساؤلات حول طبيعتها.
أرتال عسكرية غادرت قواعد رئيسية مثل عين الأسد في الأنبار وفيكتوريا في بغداد، متجهة جزئياً نحو سوريا وأربيل.
هذه التحركات جاءت في إطار اتفاق وقّعته بغداد وواشنطن عام 2024، ينص على إنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بحلول سبتمبر 2025، مع الانتقال إلى علاقة أمنية ثنائية بحلول 2026.
بينما يرى البعض أن هذه الخطوة تمثل بداية انسحاب كامل، أكد مسؤول دفاعي أمريكي أنها إعادة تموضع تكتيكية تتماشى مع الاتفاق، مع استمرار وجود قوات لدعم العمليات في سوريا وتقديم تدريب واستشارات.
هذه التحركات تزامنت مع لقاءات مكثفة بين مسؤولين أمريكيين وعراقيين، بما في ذلك زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية إلى بغداد وأربيل، لبحث تنفيذ الاتفاق والتعاون الأمني.
لماذا هذا مهم؟
تأتي هذه التحركات في ظل توقيت حساس داخلياً وإقليمياً.
داخل العراق، تقترب الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2025، وسط انقسام سياسي حاد. فصائل موالية لإيران تطالب بخروج كامل للقوات الأجنبية لتعزيز السيادة، بينما ترى قوى كردية وسنية وبعض الشيعية ضرورة بقاء الدعم الأمريكي لمواجهة تهديدات داعش.
إقليمياً، سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يعيدان رسم خريطة التوازنات، مما يجعل الوجود الأمريكي أداة استراتيجية للضغط على إيران.
الجيش العراقي، رغم تطور قدراته البرية، يعاني من نقص في الدعم الجوي والاستخباري، مما يثير مخاوف من فراغ أمني قد يستغله داعش.
استمرار التعاون الأمني الثنائي يهدف إلى سد هذه الفجوة، لكن نجاحه يعتمد على قدرة العراق على إدارة التحديات الأمنية الداخلية والإقليمية.
ماذا بعد؟
الأشهر المقبلة ستكون اختباراً حاسماً لقدرة العراق على تحمل مسؤولياته الأمنية.
إذا نجحت القوات العراقية في ضبط الأمن، قد يعزز ذلك السيادة الوطنية ويقلل الاعتماد على القوات الأجنبية.
لكن عودة داعش أو تصاعد التوترات الإقليمية قد يستدعي استمرار الدعم الأمريكي، خاصة في القدرات الجوية والاستخبارية.
واشنطن، بحسب محللين، لن تتخلى عن نفوذها في العراق، بل ستعيد تموضع قواتها نحو قواعد مثل الحرير في أربيل والتنف في سوريا للحفاظ على توازن القوى ضد إيران.
الانتخابات العراقية المقبلة قد تؤثر على طبيعة الاتفاق، حيث قد تستغل الفصائل الانسحاب لتعزيز شعبيتها.
إذا فشل العراق في سد الفراغ الأمني، قد يؤدي ذلك إلى تصعيد التهديدات، مما يعيد إحياء النقاش حول الوجود الأمريكي.