ماذا حدث؟
أثار مشروع قانون أميركي جديد بعنوان “قانون استعادة الديمقراطية في تونس” جدلاً واسعاً، وسط اتهامات لواشنطن بالابتزاز السياسي تحت شعارات “حقوقية” و”ديمقراطية”.
القانون، الذي طرحه النائبان جو ويلسون وجيسون كرو، قوبل برفض قاطع من برلمانيين وأحزاب تونسية اعتبروه تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي وانتهاكاً للسيادة عبر ربط المساعدات الأميركية بشروط سياسية وانتقائية.
رفض برلماني قاطع
النائب ياسين مامي وصف المبادرة بأنها “انتهاك واضح لمبادئ العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل”، مؤكداً أنها تعكس “رغبة في فرض إملاءات خارجية من خلال ربط المساعدات الاقتصادية بشروط سياسية”، وهو ما يعد في نظره تدخلاً مرفوضاً في دولة ذات سيادة كاملة.
أما النائب طارق مهدي، فقد عبّر عن “بالغ استغرابه ورفضه المطلق” لهذا القانون، مشدداً على أن تونس “لن تقبل محاولات الوصاية أو فرض قراءات أجنبية على تجربتها”، مضيفاً أن “الديمقراطية ليست وصفة جاهزة، بل مسار وطني يتطور وفق إرادة الشعب وتطلعاته”.
مواقف حزبية غاضبة
لم تتأخر ردود الأفعال الحزبية. فقد دعت حركة الشعب إلى “التعامل بجدية مع التهديدات الأميركية”، مطالبةً بتحكيم العقل والمسؤولية في مواجهة حالة الانسداد السياسي التي تمر بها البلاد.
من جانبها، اعتبرت حركة مواطنون أنصار الوطن أن ما يجري ليس سوى “حلقة جديدة من محاولات فرض الوصاية تحت شعارات زائفة”، متهمةً واشنطن بالسعي إلى “إجهاض المسار الإصلاحي وتفكيك مؤسسات الدولة”، ودعت إلى “تشكيل جبهة وطنية عريضة وصياغة ميثاق يقوم على حماية السيادة ومكافحة الفساد وترسيخ الاستقلالية الاقتصادية والسياسية”.
تفاصيل المشروع الأمريكي
المشروع، بحسب نصوصه، يذهب بعيداً في فرض القيود، إذ ينص على:
تعليق المساعدات الموجهة للأجهزة الأمنية والعسكرية التونسية المرتبطة بما تعتبره واشنطن “قمعاً داخلياً أو انتهاكات لحقوق الإنسان”.
إعداد قائمة علنية خلال 180 يوماً بأسماء مسؤولين تونسيين يُشتبه في “تورطهم بالفساد أو انتهاكات حقوقية”، مع فرض عقوبات تشمل تجميد الأصول ومنع الدخول إلى الأراضي الأميركية.
إلزام الإدارة الأميركية بتقديم خطة واضحة للكونغرس “لاستعادة الديمقراطية في تونس”، تتضمن إعادة تفعيل البرلمان، ودعم استقلال القضاء، والعودة إلى دستور 2014.
لماذا هذا مهم؟
يأتي المشروع بعد أيام من زيارة وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة مايك لولر، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تونس.
الزيارة شهدت مباحثات مع وزيري الخارجية والدفاع، حيث أكد لولر وقتها “متانة روابط الصداقة” بين البلدين، مشدداً على أن الكونغرس يولى أهمية كبرى لاستقرار تونس أمنياً واقتصادياً.
ماذا بعد؟
هذه الزيارة، وما تلاها من مشروع قانون، بدت لكثيرين في تونس وكأنها تكشف عن تحول المساعي الأميركية من دعم سياسي معلن إلى محاولة فرض وصاية مباشرة عبر العقوبات والاشتراطات، وهو ما فجّر الغضب التونسي ووحّد أصوات الرافضين للمبادرة.