ماذا حدث؟
في خضمّ احتدام الحرب على غزة، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلًا واسعًا بعد إعلانه عبر منصته “تروث سوشيال” دعوة صريحة لإبرام صفقة شاملة بين إسرائيل وحركة حماس، لكن الردود التي جاءت من الطرفين عكست هوةً واسعة يصعب ردمها.
عرض ترامب: الرهائن مقابل وقف الحرب
ترامب، كتب قائلًا: “اطلبوا من حماس أن تعيد جميع الرهائن الـ20 فورًا (وليس 2 أو 5 أو 7!)، وستتغير الأمور بسرعة. سينتهي الأمر”.
تصريح بدا وكأنه عرض أخير: إطلاق سراح الرهائن جميعًا مقابل وقف الحرب، بل ووقف الغزو الإسرائيلي الوشيك لمدينة غزة. غير أن هذا الطرح، بدلاً من أن يدفع عجلة التفاهم، وضع جهود الوسطاء الرامية لاتفاق جزئي على المحك.
حماس ترد: صفقة شاملة بشروط فلسطينية
لم تتأخر “حماس” في الرد، فأكدت في بيان استعدادها لصفقة شاملة وفق شروطها، أبرزها: إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، وقف الحرب نهائيًا مع انسحاب كامل لقوات الاحتلال، فتح المعابر وبدء الإعمار.
وأشارت إلى أنها بانتظار رد إسرائيل على مقترح الوسطاء في 18 أغسطس، معلنة موافقتها على تشكيل إدارة وطنية من التكنوقراط لإدارة شؤون غزة بدلًا منها.
نتنياهو يحسم الموقف: لا لصفقة بشروط حماس
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان حاسمًا في رفض الطرح الفلسطيني، إذ جاء في بيان لمكتبه: “للأسف، هذه محاولة أخرى من حماس لا جديد فيها”.
وحدد البيان شروط إسرائيل لوقف الحرب، وفي مقدمتها: إطلاق سراح جميع الرهائن دون استثناء، نزع سلاح حماس، نزع سلاح القطاع بأكمله، فرض سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة، وتشكيل حكومة مدنية بديلة “لا تربي على الإرهاب ولا تهدد إسرائيل”.
واعتبر نتنياهو أن هذه هي الضمانة الوحيدة لعدم تكرار ما سماه “مجزرة السابع من أكتوبر”.
تهديد عسكري من تل أبيب
ولم يتوقف الرد الإسرائيلي عند حدود الرفض السياسي، بل جاء وزير الدفاع يسرائيل كاتس ليصعّد اللهجة، ملوّحًا بمصير أكثر دموية لمدينة غزة.
كاتس قال: “حماس تواصل ذر الرماد في العيون، لكنها ستدرك قريبًا أن عليها الاختيار: إما قبول شروط إسرائيل، وعلى رأسها إطلاق سراح الرهائن ونزع السلاح، أو أن تصبح غزة مثل رفح وبيت حانون”.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يستعد بكامل قوته، في إشارة إلى قرب تنفيذ خطة الغزو المرتقب للمدينة.
ماذا بعد؟
وبين دعوة ترامب التي طرحت نفسها كنافذة أخيرة للسلام، وتمسّك حماس بشروطها، وتشدد نتنياهو وحكومته، يبدو أن الصفقة الشاملة التي تحدّث عنها الرئيس الأمريكي لن ترى النور قريبًا، فيما تظل غزة على موعد مع تصعيد عسكري قد يفتح فصلًا أكثر قسوة في الحرب.