ماذا حدث؟
سجل الاقتصاد المصري خلال السنة المالية 2024-2025 طفرة غير متوقعة بعدما ارتفع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5%، مقارنة بـ2.4% فقط في العام السابق.
وهذه النتيجة جاءت مدفوعة ببرنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي تنفذه الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، إلى جانب انتعاش الصناعات التحويلية.
الضغوط الاقتصادية والتحديات
ورغم هذه القفزة، لم تكن الطريق ممهدة. فمصر واجهت ضغوطًا اقتصادية حادة عقب قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024، بالإضافة إلى موجة تضخم صعبة، وتأثيرات الحرب في غزة التي انعكست على حركة التجارة وأسعار السلع.
تراجع التضخم
بعدما بلغ التضخم ذروته عند 38% في سبتمبر 2023، بدأ المنحنى في التراجع تدريجيًا، ليسجل معدلًا سنويًا عند 13.9% في يوليو الماضي، نزولًا من 14.9% في يونيو.
ورغم التراجع الملحوظ، ما زالت معدلات التضخم تشكّل عبئًا على المستهلكين في المدن المصرية.
توقعات تفاؤلية
وكانت الحكومة قد وضعت في موازنتها تقديرًا أكثر تحفظًا لمعدل النمو عند 4.2% فقط، قبل أن تفاجئ النتائج النهائية الجميع بارتفاعها إلى 4.5%، وهو ما اعتبره الخبراء مؤشرًا إيجابيًا على قدرة الاقتصاد على التعافي أسرع من المتوقع.
استثمارات ضخمة
على مدار العام الماضي، كثّفت الدولة جهودها لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتمكنت من الحصول على 24 مليار دولار من صندوق ثروة سيادي إماراتي، في صفقات أبرزها تطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط.
هذه الاستثمارات، بحسب مراقبين، لعبت دورًا محوريًا في تخفيف الضغوط على الاقتصاد المحلي.
خسائر قناة السويس
لكن لم تكن جميع المؤشرات إيجابية؛ إذ تكبدت مصر خسائر ثقيلة في إيرادات قناة السويس بلغت نحو 145 مليار جنيه (2.99 مليار دولار)، نتيجة اضطرابات البحر الأحمر والهجمات الحوثية على السفن، لتتراجع الإيرادات من 7.2 مليار دولار في العام السابق إلى مستويات أقل بكثير هذا العام.
معركة القمح
في ملف الأمن الغذائي، استوردت مصر 4.5 مليون طن من القمح بتكلفة 1.2 مليار دولار، وهو انخفاض تجاوز 21% عن العام السابق.
وعلى الصعيد المحلي، اشترت الدولة من المزارعين أكثر من 3.9 مليون طن فقط، وهو رقم أقل من المستهدف الذي تراوح بين 4 و5 ملايين طن.
وتظل مصر بحاجة إلى أكثر من 8 ملايين طن سنويًا لتوفير الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون مواطن.
ماذا بعد؟
برغم الأعباء الثقيلة على قناة السويس وتحديات استيراد القمح، يظل النمو الاقتصادي عند 4.5% إشارة على مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على الصمود، في وقت تكافح فيه دول عديدة لمجرد الحفاظ على معدلات استقرار مقبولة.
وبين الإصلاحات، والتضخم المتراجع، والاستثمارات الضخمة، يبقى المشهد مفتوحًا على فرص وتحديات قد تحدد ملامح السنوات المقبلة.