ماذا حدث؟
خلال يوليو وأغسطس 2025، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان بأنباء عن اختفاء فتيات، مع تداول صور وأرقام تفيد باختفاء عشرات النساء، مما أثار ذعرًا عامًا.
قصة بتول سلمون، التي ظهرت في فيديو على “تيك توك”، كشفت جانبًا من الحقيقة: لم تُخطف، بل هربت من عنف منزلي.
روت بتول تعرضها للعزلة والضرب والتهديد بالقتل من زوجها، مستغلة فرصة للهروب إلى مكان آمن. قوى الأمن الداخلي سجلت 16 حالة اختفاء بين 1 يوليو و13 أغسطس، شملت 11 لبنانية، و4 سوريات، وفتاة بنغلادشية، مؤكدة أن معظم الحالات مرتبطة بخلافات عائلية وليست عصابات خطف.
في الوقت نفسه، كشف تحقيق في بلدة بحنين عن جريمة قتل شابة خُنقت على يد شقيقها بطلب من والدهما، مما أظهر تصاعد العنف الأسري.
لماذا هذا مهم؟
تكشف هذه الحالات عن أزمة عميقة في الأمان الأسري في لبنان، حيث يدفع العنف المنزلي، سواء جسديًا أو نفسيًا، الفتيات للهروب بحثًا عن الحماية. تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن امرأة من كل ثلاث تعاني من العنف، وفي لبنان، سجل الخط الساخن لقوى الأمن 59 شكوى عنف جسدي في يوليو 2025، معظمها من أزواج أو آباء.
غياب الثقة في الأجهزة الأمنية، الخوف من الوصمة الاجتماعية، وقلة الوعي بالحقوق القانونية تجعل الهروب خيارًا مغريًا رغم مخاطره.
هذه الظاهرة تعكس فشلًا اجتماعيًا في توفير بيئة آمنة، بينما تضخيم الإعلام لروايات “الخطف” يزيد الذعر ويحجب الأسباب الحقيقية، مثل العنف الأسري والضغوط النفسية.
ماذا بعد؟
الهروب قد ينقذ الفتيات مؤقتًا، لكنه يعرضهن لمخاطر جديدة، كالاستغلال أو الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.
قانون حماية النساء لعام 2014، المعدل في 2022، يوفر إطارًا قانونيًا لحماية النساء، لكن فعاليته تعتمد على تطبيق القضاء والأجهزة الأمنية.
منظمات مثل “كفى” تدعو إلى تحسين آليات الحماية، بما في ذلك مراكز إيواء سرية ودعم نفسي، ومع ذلك، يبقى تغيير الثقافة الاجتماعية التي تطبّع العنف ضروريًا.
دون معالجة جذور العنف الأسري وتعزيز الثقة بالمؤسسات، ستستمر الفتيات في الهروب، معرضات أنفسهن لمخاطر أكبر.
الحل يكمن في تعزيز التوعية، توفير شبكات دعم اجتماعية، وتطبيق صارم للقوانين لحماية النساء وتحويل البيوت إلى ملاذات آمنة.