ماذا حدث؟
يعاني العراق من أزمة جفاف غير مسبوقة تهدد موارده المائية، خاصة نهري دجلة والفرات، اللذين يعتمد عليهما بشكل رئيسي للزراعة والاحتياجات الحياتية.
في 28 أغسطس 2025، دعا العراق تركيا وإيران إلى زيادة الإطلاقات المائية عبر حوضي النهرين لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية. خلال اجتماع المجلس الأعلى للمياه برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أوكلت الحكومة لوزارة الخارجية مهمة التفاوض مع تركيا لزيادة تدفق المياه، ومع إيران لبحث إمدادات أنهار الكارون والكرخة.
تأتي هذه الدعوات وسط تراجع حاد في مناسيب المياه بسبب سدود المنبع في تركيا وإيران، إضافة إلى انخفاض الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى جفاف بحيرات ومسطحات مائية عديدة.
كما قررت الحكومة اعتماد تقنيات ري حديثة وتعديل الخطة الزراعية لتقليل استهلاك المياه ودعم المحاصيل المقاومة للجفاف.
لماذا هذا مهم؟
تعد أزمة الجفاف في العراق كارثة بيئية واقتصادية تهدد الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي.
يعتمد العراق على دجلة والفرات بنسبة تزيد عن 90% من موارده المائية العذبة، لكن تركيا، عبر مشاريع مثل سد إليسو ومشروع “GAP” الذي يشمل 22 سدًا، وإيران، عبر تحويل روافد مثل نهر الكارون، قللتا تدفق المياه إلى العراق بنسبة تصل إلى 70%.
هذا الانخفاض، إلى جانب التغيرات المناخية كقلة الأمطار وارتفاع الحرارة، تسبب في تصحر الأراضي الزراعية، نفوق المواشي، وهجرة سكان المناطق الريفية.
تقارير تشير إلى أن العراق خسر 100 ألف دونم سنويًا من أراضيه الزراعية، ويتوقع أن يصبح “بلا أنهار” بحلول 2040 إذا استمر الوضع.
سياسات دول المنبع، إلى جانب سوء الإدارة المحلية، جعلت العراق من أكثر الدول هشاشة بيئيًا، مما يهدد حياة الملايين ويزيد التوترات الإقليمية.
ماذا بعد؟
تعتمد فعالية الدعوات العراقية على استعداد تركيا وإيران للتعاون، وهو أمر غير مضمون نظرًا لتاريخ المفاوضات غير المثمرة.
اقترح العراق صفقات تجارية، مثل عقود للشركات التركية، مقابل زيادة الإطلاقات المائية، لكن الضغوط السياسية والاقتصادية لدول المنبع قد تعيق ذلك.
داخليًا، يسعى العراق لتحسين إدارة الموارد المائية عبر تقنيات الري الحديثة ودعم المزارعين ببرامج اجتماعية، لكن هذه الإجراءات تحتاج إلى استثمارات ضخمة تقدر بـ180 مليار دولار، وفق البنك الدولي.
دون اتفاقيات ملزمة مع تركيا وإيران، قد يتفاقم الجفاف، مما يؤدي إلى مزيد من التصحر والهجرة.
تعزيز الدبلوماسية المائية والاستثمار في البنية التحتية أمران حاسمان لتجنب كارثة إنسانية وبيئية شاملة.