ماذا حدث؟
في ليبيا، البلد الغني باحتياطيات النفط الأكبر في أفريقيا، تتفاقم أزمة الوقود رغم الإنتاج الضخم الذي بلغ 1.4 مليون برميل يوميًا في 2025.
يعاني المواطنون من طوابير طويلة أمام محطات الوقود، حيث يصل سعر اللتر في السوق السوداء إلى 7 دنانير، مقارنة بـ0.15 دينار مدعوم رسميًا.
تهريب الوقود، الذي يكلف ليبيا 5 مليارات دولار سنويًا وفق البنك الدولي، يُغذي الميليشيات التي تسيطر على الموانئ ومسارات التوزيع.
تقرير الأمم المتحدة لعام 2024 وثّق 137 عملية تهريب من ميناء بنغازي بين 2022 و2024، بإجمالي 1.125 مليون طن ديزل، عبر سفن غالبًا بلا سجلات واضحة.
في الغرب، تزدهر شبكات التهريب في مدن مثل الزاوية وزوارة، حيث تُنقل الشحنات إلى تونس أو المتوسط.
آلية “المقاصة”، التي استُخدمت لتأمين الوقود بتبادل النفط الخام، فاقمت الفساد بسبب غياب الشفافية، مما دفع النائب العام في يناير 2025 للمطالبة بإيقافها.
لماذا هذا مهم؟
تهريب النفط يُفقد ليبيا مليارات الدولارات، حيث أنفق 17 مليار دولار (35% من الناتج المحلي) في 2024 على دعم الطاقة، وفق صندوق النقد الدولي، دون أن يصل هذا الدعم للمواطنين.
بدلاً من ذلك، يُمول التهريب الميليشيات، مما يُعيد إنتاج الصراع ويعمّق الانقسام بين حكومتي طرابلس والشرق.
ميناء بنغازي، الذي يُفترض أن يكون شريانًا اقتصاديًا، تحول إلى مركز تهريب، بينما تُظهر الضربات الجوية في الزاوية انتقائية سياسية، تستهدف خصوم حكومة الدبيبة أكثر من مكافحة التهريب.
هذه الأزمة تهدد الاستقرار الاقتصادي والأمني، حيث يُعاني المواطنون من نقص الوقود وارتفاع الأسعار، بينما تُوجه العائدات لدعم الجماعات المسلحة بدلاً من الخدمات العامة.
غياب الشفافية في “المقاصة” وتضاعف إنفاق الوقود المدعوم من 2.9 مليار دولار في 2021 إلى 7.6 مليار في 2023 يعكسان سوء الإدارة وسط انقسام سياسي عميق.
ماذا بعد؟
بدون إصلاحات جذرية، ستستمر أزمة الوقود في استنزاف ليبيا، ويواجه اقتراح رفع دعم الوقود، الذي أيده الدبيبة وحكومة الشرق، مقاومة شعبية خوفًا من التضخم.
الخبراء يرون أن التدرج في الإصلاح مع تعويضات للفقراء هو الأفضل اقتصاديًا، بينما “الصدمة” قد تكون أسرع أمنيًا لقطع طريق المهربين، لكن نجاح أي إصلاح يتطلب رقابة صارمة على الموانئ وسلاسل التوزيع، وتوحيد المؤسسات الأمنية للحد من نفوذ الميليشيات.
الضربات الجوية قد تردع بعض الجماعات، لكنها تحتاج إلى نزاهة لتجنب استغلالها سياسيًا، وعلى المستوى الدولي، يجب دعم الجهود لمراقبة التهريب عبر عقوبات أممية أكثر فعالية.
إذا استمر الوضع، فإن الخسائر الاقتصادية والفوضى الأمنية ستعيق أي تقدم نحو الاستقرار.