ماذا حدث؟
في خطوة أشعلت مجددًا فتيل التوتر في جنوب القوقاز، وقّعت أذربيجان وأرمينيا، أمس، اتفاق سلام بوساطة أميركية خلال اجتماع ضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتعود قضية ممر زنغزور إلى واجهة الأحداث الإقليمية.
الاتفاق منح الولايات المتحدة حقوقًا حصرية لتطوير ممر نقل يمر عبر أرمينيا ويربط أذربيجان بمنطقة نخجوان، الجيب الأذربيجاني المحاذي لتركيا حليفة باكو، على أن يُعرف هذا الطريق باسم “طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين” ويخضع للقانون الأرميني.
رفض إيراني وتحذيرات من “تقويض الأمن”
المشروع الذي سيمر بالقرب من الحدود الإيرانية، أثار غضب طهران التي سارعت إلى إعلان معارضتها الشديدة، مؤكدة أنها ستستخدم كل الوسائل لإفشاله. واعتبرت إيران أن أي تدخل أجنبي قرب حدودها “سيقوض أمن المنطقة واستقرارها الدائم”.
علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، شدد في تصريحات لوكالة “تسنيم” على أن تنفيذ فكرة الممر “سيهدد أمن جنوب القوقاز”، مضيفًا أن بلاده ستتحرك لضمان هذا الأمن “سواء مع روسيا أو بدونها”، معربًا عن ثقته بأن موسكو بدورها تعارض المشروع استراتيجيًا.
مشروع لتقسيم أرمينيا
ولايتي وصف موقف إيران بـ”الثابت” في رفض ممر زنغزور، معتبرًا أن الممر يعيد رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ويغير الحدود القائمة، ويدخل في إطار “خطة لتقسيم أرمينيا”.
وانتقد فكرة استئجار الممر من قبل دولة أجنبية، قائلًا: “ترامب يتظاهر بالسذاجة، وهذا الادعاء يشبه أن يأتي شخص ليستأجر قناة بنما.. أمر مستحيل ولن يحدث”.
وأضاف ولايتي أن المشروع يلقى معارضة واسعة من الشعب الأرميني، مشيرًا إلى أنه “لا توجد أمة تقبل بتقسيم أراضيها، حتى وإن اتخذت حكومتها مواقف متذبذبة”.
موقف أرمينيا والبعد التركي
ولايتي استذكر زيارة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى طهران، مؤكدًا أنه عبّر حينها عن رفضه لإنشاء الممر، محذرًا من أن تنفيذه سيغير طرق الاتصال في شمال وشمال غرب إيران ويحصرها بتركيا، وهو ما يراه تهديدًا مباشرًا لأمن جنوب القوقاز.
لماذا هذا مهم؟
وكالات أنباء، بينها “رويترز”، ربطت الاتفاق بمحاولة واشنطن ضم أذربيجان إلى “اتفاقيات إبراهيم” لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما قد يزيد التوتر بين باكو وطهران نظرًا للعلاقات الوثيقة بين أذربيجان وتل أبيب.
ماذا بعد؟
وترى أذربيجان أن ممر زنغزور مسار استراتيجي يصل أراضيها بجمهورية نخجوان ذات الحكم الذاتي ويمتد حتى تركيا، مرورًا بإقليم سيونيك في جنوب أرمينيا وعلى مقربة من الحدود الإيرانية، وهو ما يجعل المشروع نقطة تماس جيوسياسي حساسة تُهدد بإعادة رسم توازنات المنطقة.