كيف تشارك أذربيجان في تشكيل الشرق الأوسط؟

كيف تشارك أذربيجان في تشكيل الشرق الأوسط؟

ماذا حدث؟

بدأت أذربيجان في تعزيز دورها في الشرق الأوسط، وبالأخص في سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مستغلةً الفراغ السياسي والأمني لتوسيع نفوذها.

خلال الحرب الأهلية السورية، اتسمت سياسة أذربيجان بالحذر، مع دعم ضمني للموقف التركي المناهض للأسد، لكن مع تغير الديناميكيات، سارعت باكو إلى اتخاذ خطوات محسوبة، مثل إصدار بيان في 11 ديسمبر 2024 يدعم وحدة سوريا وسيادتها، وإرسال قوافل إغاثية إلى حلب ودمشق بين فبراير ومارس 2025 بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري.

في مايو 2025، زار وفد أذربيجاني بقيادة نائب رئيس الوزراء سمير شريفوف دمشق، لبحث التعاون في الطاقة والبنية التحتية والتعليم مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.

أبرز الخطوات كانت توقيع اتفاقية في يوليو 2025 لتصدير 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا، بتمويل قطري، لتوليد الكهرباء في حلب وحمص، مما يعكس تنسيقاً وثيقاً مع تركيا.

كما استضافت باكو محادثات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل لتخفيف التوترات الحدودية، مما عزز دورها كوسيط دبلوماسي.

لماذا هذا مهم؟

تسعى أذربيجان لتكون لاعباً إقليمياً مؤثراً في الشرق الأوسط، مستفيدةً من موقعها الاستراتيجي بين آسيا الوسطى وأوروبا، وعلاقاتها القوية مع تركيا وإسرائيل، ومواردها الطاقوية.

تحالفها مع تركيا، الذي تجلى في دعمها العسكري والدبلوماسي خلال حرب ناغورنو كاراباخ 2020، يمكّنها من الاستفادة من النفوذ التركي في سوريا، بينما تعزز علاقاتها مع إسرائيل، التي تزودها بتقنيات عسكرية متقدمة وتستورد 40-60% من نفطها من باكو، مكانتها كحليف استراتيجي.

هذا الدور يضع أذربيجان في مواجهة النفوذ الإيراني، خاصة مع مخاوف طهران من تحالف باكو مع إسرائيل، الذي تراه تهديداً لوحدتها بسبب وجود أقلية أذرية كبيرة في إيران.

إضافة إلى ذلك، يعزز انضمام أذربيجان المحتمل إلى اتفاقات أبراهام، بدعم أمريكي، دورها كجسر بين العالم الإسلامي والغرب، مما يعزز التعاون الاقتصادي والأمني ويحد من نفوذ إيران وروسيا في المنطقة.

ومع ذلك، فإن طموحاتها تواجه تحديات، مثل محدودية مواردها مقارنةً بالقوى الإقليمية الكبرى، والتوترات مع إيران، والحاجة إلى حل الصراع مع أرمينيا.

ماذا بعد؟

ستواصل أذربيجان تعزيز دورها في الشرق الأوسط من خلال الطاقة والدبلوماسية، مع التركيز على سوريا كمدخل رئيسي.

من المتوقع أن توسع أذربيجانمشاريعها الطاقوية، مثل إمدادات الغاز إلى سوريا، وتستثمر في إعادة الإعمار، مستفيدةً من الدعم التركي والقطري.

دبلوماسياً، قد تلعب دوراً أكبر كوسيط بين إسرائيل وسوريا أو دول أخرى، معززةً مكانتها في اتفاقات أبراهام، رغم أن انضمامها قد يظل رمزياً بسبب علاقاتها الراسخة مع إسرائيل.

ومع ذلك، يجب على باكو إدارة علاقاتها مع إيران بحذر لتجنب التصعيد، خاصة مع استمرار التوترات حول الوجود الإسرائيلي المزعوم.

كما أن تقدم مفاوضات السلام مع أرمينيا قد يحدد مدى قبول واشنطن لدور أذربيجان في الاتفاقيات، مما يتطلب من باكو موازنة طموحاتها الإقليمية مع استقرارها الداخلي والعلاقات مع جيرانها.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *