مليون مراهق في روما.. كيف تواصل معهم بابا الفاتيكان؟

البابا ليو الرابع عشر

ماذا حدث؟

من 28 يوليو إلى 3 أغسطس 2025، استضافت روما يوبيل الشباب، وهو حدث كاثوليكي ضخم ضمن السنة اليوبيلية للكنيسة، حيث تجمع أكثر من مليون شاب من 146 دولة.

البابا ليو الرابع عشر، البابا الأمريكي الأول الذي تولى المنصب منذ أقل من 100 يوم، قاد هذا الحدث الذي وُصف بـ”وودستوك الكاثوليكي”.

وصل البابا بمروحية إلى حقل تور فيرغاتا في ضواحي روما، حيث استقبلته حشود متحمسة خلال سهرة صلاة يوم السبت، تلتها قداس صباح الأحد.

خلال الحدث، تفاعل البابا مع الشباب من خلال الصلاة، والإجابة على أسئلتهم، وإلقاء عظات، مع التركيز على موضوعات الصداقة، والأمل، والشجاعة.

كما أثار إعجاب الحضور بتصرفات عفوية، مثل التقاط كرة تنس أُلقيت من الجمهور، واستقبال شريحة بيتزا “ديب ديش” من شيكاغو، مسقط رأسه.

كيف تواصل البابا مع الشباب؟

البابا ليو الرابع عشر، بأسلوبه الهادئ والتأملي كراهب أوغسطيني، اعتمد نهجًا يمزج بين القيادة اللطيفة والتواصل المباشر:

– التواصل متعدد اللغات: استخدم البابا الإسبانية والإيطالية والإنجليزية بطلاقة للتواصل مع الشباب، موجهًا رسائل ملهمة مثل “أنتم نور العالم!” بالإنجليزية، مما أثار حماس الحشود، وخلال سهرة السبت، أجاب على أسئلة ثلاثة شباب من المكسيك وإيطاليا والولايات المتحدة حول الصداقة الحقيقية، الشجاعة في اتخاذ القرارات، وكيفية لقاء المسيح في الأوقات الصعبة.

– التفاعل العفوي: أظهر البابا جاذبية خاصة عندما ظهر بشكل مفاجئ في ساحة القديس بطرس يوم الثلاثاء، مما أثار هتافات الحشود، كما تفاعل معهم عبر العربة البابوية، ملوحًا ومتبسمًا، وأظهر خفة ظل عندما التقط كرة تنس وتسلم شريحة بيتزا من مطعم في شيكاغو.

– رسائل ملهمة: دعا البابا الشباب إلى “السعي للعظمة والقداسة” و”نشر الحماس والإيمان” عند عودتهم إلى بلدانهم، و شدد على أهمية العلاقات الحقيقية بعيدًا عن تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، محذرًا من “الخوارزميات التي تتحكم بما يجب أن نفكر فيه أو نشاهده”،  كما دعا إلى بناء عالم أفضل يعتمد على الحوار بدلاً من الأسلحة، مع الإشارة إلى دعمه لشباب غزة وأوكرانيا والمناطق المتضررة من الحروب.

– التأمل والروحانية: قاد البابا فترات صلاة هادئة، مثل العبادة الأفخارستية خلال السهرة، حيث ساد صمت تأملي بين الحشود، مما عكس أسلوبه التأملي كراهب أوغسطيني.

لماذا هذا مهم؟

يوبيل الشباب، الذي جذب حوالي مليون شاب، يمثل أكبر حدث في بابوية ليو الرابع عشر حتى الآن، واختبارًا مبكرًا لقدرته على التواصل مع جيل الشباب (Gen Z) في وقت تشهد فيه الديانات التقليدية تراجعًا في الغرب.

على عكس سلفه البابا فرانسيس، الذي اشتهر بالخطابات العفوية والجريئة، يعتمد ليو على أسلوب هادئ ومنهجي، مع تركيز على الإصغاء والتحليل قبل اتخاذ قرارات كبرى.

تواصله مع الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث التقى بـ”مبشرين رقميين”، يعكس وعيه بالعالم الرقمي، بما في ذلك تحذيره من مخاطر الخوارزميات.

كما أن دعوته للشباب من مناطق النزاعات مثل غزة وأوكرانيا تظهر التزامه بدور أخلاقي عالمي، مما يعزز جاذبيته بين الشباب الباحثين عن صوت للمستضعفين.

ماذا بعد؟

البابا ليو، بعمر 69 عامًا وكأول بابا أمريكي، يواجه تحديات في تعزيز إصلاحات البابا فرانسيس مع إدارة الكوريا الرومانية (الإدارة المركزية للفاتيكان) بطريقة متوازنة.

نجاحه في يوبيل الشباب، الذي شمل فعاليات موسيقية وتأملية وتفاعلية، يشير إلى قدرته على جذب الشباب، لكنه بحاجة إلى تعزيز صوته العالمي، خاصة باللغة الإنجليزية، للوصول إلى جمهور أوسع. الحدث أيضًا مهد ليوم الشباب العالمي القادم في سيول عام 2027، مما يعكس استمرارية التزامه بالشباب.

مع استمرار بابويته، قد يعتمد ليو على هذه التجربة لتعزيز دوره كصوت أخلاقي عالمي، خاصة في دعم القضايا الإنسانية مثل الهجرة والسلام.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *