ماذا حدث؟
أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن، عبر متحدثها العسكري يحيى سريع، عن تصعيد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، مشيرة إلى بدء “المرحلة الرابعة” من حصارها البحري.
هذه المرحلة تتضمن استهداف أي سفن تابعة لشركات تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسيتها أو وجهتها، باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيرة.
جاء هذا الإعلان بعد سلسلة هجمات سابقة، منها إغراق سفينتي “ماجيك سيز” و”إترنيتي سي” في البحر الأحمر خلال يوليو، والتي تسببت في خسائر مادية وبشرية، بما في ذلك مقتل أربعة بحارة وفقدان آخرين.
الحوثيون، المدعومون من إيران، برروا تصعيدهم كجزء من “إسناد غزة”، مؤكدين استمرار العمليات حتى توقف الحرب الإسرائيلية على غزة ورفع الحصار عن القطاع.
أدت هذه التهديدات إلى إغلاق ميناء إيلات الإسرائيلي، وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، مما يعكس نجاح الحوثيين في تعطيل الملاحة البحرية المرتبطة بإسرائيل.
لماذا هذا مهم؟
تصعيد الحوثيين يحمل تداعيات خطيرة على مصر وإسرائيل وتركيا، نظراً لاعتماد هذه الدول على الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن.
بالنسبة لمصر، فإن قناة السويس، التي تمثل مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية بحوالي 9 مليارات دولار سنوياً، تواجه تهديداً مباشراً.
فقد أدت هجمات الحوثيين منذ أكتوبر 2023 إلى انخفاض حركة الشحن بنسبة 30% عبر القناة، حيث تتجنب شركات الشحن الدولية الممر خوفاً من الهجمات، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر التي تعاني بالفعل من نقص العملة الصعبة وارتفاع التضخم.
إسرائيل، من جانبها، تعاني من شلل ميناء إيلات، وهو مركز حيوي للتجارة مع آسيا، مما يزيد الضغط على اقتصادها ويرفع تكاليف الشحن عبر طرق بديلة مثل رأس الرجاء الصالح.
كما أن الضربات الإسرائيلية الجوية على مواقع الحوثيين في الحديدة لم تنجح في ردعهم، بل زادت من حدة التوترات الإقليمية.
أما تركيا، فإن تهديدات الحوثيين قد تؤثر على تجارتها البحرية، حيث تعتمد على موانئ البحر الأحمر لنقل البضائع إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
الشركات التركية التي تتعامل مع موانئ إسرائيل، مثل ميناء حيفا، قد تواجه مخاطر استهداف سفنها، مما يدفعها إلى إعادة تقييم مساراتها التجارية.
علاوة على ذلك، تثير هذه الهجمات مخاوف بيئية، حيث تسببت السفن الغارقة، مثل “روبيمار”، في تسرب نفطي وكيماويات تهدد الحياة البحرية في المنطقة، مما يؤثر على مصايد الأسماك التي تعتمد عليها مجتمعات الساحل في مصر واليمن.
ماذا بعد؟
على المدى القريب، من المتوقع أن تستمر هجمات الحوثيين طالما استمرت الحرب في غزة، مما يعني استمرار الضغط على الاقتصادات المصرية والإسرائيلية، وربما التركية إذا تصاعدت التوترات.
مصر قد تلجأ إلى تعزيز التعاون مع التحالف البحري الغربي، بقيادة الولايات المتحدة، لحماية قناة السويس، لكن ذلك قد يثير توترات مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين.
إسرائيل، التي تعتمد الآن على موانئ مثل أشدود وحيفا، قد تواجه ضغوطاً متزايدة لإيجاد حل دبلوماسي لأزمة غزة لتخفيف التصعيد الحوثي، خاصة بعد فشل الضربات العسكرية في إضعاف قدرات الجماعة.
تركيا، التي تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي، قد تضطر إلى الضغط على إسرائيل لوقف الحرب أو التفاوض مع الحوثيين عبر وسطاء مثل قطر لضمان أمن سفنها.
على المدى الطويل، يتطلب الحل معالجة جذور الأزمة، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة ورفع الحصار، كما دعا الحوثيون.
بدون تقدم في هذا الاتجاه، قد تتحول هجمات الحوثيين إلى تهديد دائم للملاحة الدولية، مما يعزز من نفوذهم الإقليمي ويؤدي إلى أزمات اقتصادية وبيئية متفاقمة في المنطقة.