ماذا حدث؟
انطلقت في نيويورك أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا، وبمشاركة واسعة من وزراء خارجية دول مثل الأردن، ومصر، وقطر، وتركيا، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
يهدف المؤتمر، الذي يستمر حتى 30 يوليو، إلى صياغة خارطة طريق ملموسة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمان الأمن لإسرائيل.
المؤتمر، الذي تأجل من يونيو بسبب التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، يضم ثماني لجان عمل تضم دولاً مثل إسبانيا، والنرويج، والبرازيل، تركز على قضايا مثل إعادة إعمار غزة، تعزيز الأمن، وإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية.
رغم مشاركة حوالي 100 دولة، أعلنت إسرائيل والولايات المتحدة مقاطعتهما، معتبرتين أن المؤتمر يقوض جهود التفاوض المباشر.
تصريحات المسؤولين السعوديين والفرنسيين، بمن فيهم الأمير فيصل بن فرحان وجان نويل بارو، أكدت التزامهم بدعم الحقوق الفلسطينية وإنهاء الصراع عبر حل سياسي، بينما رحب الاتحاد الأوروبي بالمؤتمر ووصفه بـ”لحظة حاسمة” للشرق الأوسط وأوروبا.
لماذا هذا مهم؟
يأتي المؤتمر في وقت حرج، حيث يواجه حل الدولتين تحديات غير مسبوقة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والتوسع الاستيطاني، وعنف المستوطنين، إلى جانب الأزمة الإنسانية في غزة التي شهدت مقتل 25 فلسطينياً في غارات إسرائيلية مؤخراً.
السعودية، التي أكدت أن القضية الفلسطينية هي “قضيتها الأولى”، تستخدم نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي لدفع المجتمع الدولي نحو الاعتراف بدولة فلسطين، خاصة بعد إعلان فرنسا نيتها الاعتراف رسمياً بفلسطين في سبتمبر 2025.
هذا التحالف السعودي الفرنسي يعكس تحولاً في الديناميكيات الإقليمية، حيث تسعى السعودية لربط التطبيع مع إسرائيل بتقدم ملموس في القضية الفلسطينية، بينما تحاول فرنسا تعزيز دورها كوسيط دولي.
غياب إسرائيل والولايات المتحدة يثير تساؤلات حول فعالية المؤتمر، لكنه يعزز الزخم الدولي مع دعم 142 دولة على الأقل لفلسطين، وفقاً لوكالة فرانس برس.
كما أن تركيز المؤتمر على إصلاح السلطة الفلسطينية ونزع سلاح حماس يهدف إلى تهيئة الأرضية لدولة فلسطينية قابلة للحياة، لكنه يواجه انتقادات بأنه قد يعيد إنتاج نهج اتفاقيات أوسلو الفاشلة دون معالجة جذور الصراع، مثل الاحتلال والحصار.
ماذا بعد؟
نجاح المؤتمر يعتمد على قدرته على ترجمة الالتزامات الدولية إلى خطوات عملية، مثل زيادة الاعترافات بدولة فلسطين، وتفعيل الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، وإجبار إسرائيل على وقف الانتهاكات، بما في ذلك التوسع الاستيطاني.
ومع ذلك، فإن مقاطعة إسرائيل والولايات المتحدة قد تعيق التقدم، خاصة أن إسرائيل ترفض الاعتراف بدولة فلسطينية وتدعو إلى ضم الضفة الغربية.
المؤتمر قد يمهد لقمة أخرى في سبتمبر 2025 في نيويورك أو باريس، والتي قد تشهد مشاركة قادة دول على مستوى أعلى، مما يعزز الضغط على إسرائيل.
السعودية وفرنسا قد تستفيدان من دعم الاتحاد الأوروبي والدول العربية لدفع المجتمع الدولي نحو فرض عقوبات على المستوطنين أو دعم قرارات محكمة العدل الدولية التي تطالب إسرائيل بجبر الأضرار.
لكن بدون انخراط إسرائيل أو تغيير في الموقف الأمريكي، قد يظل المؤتمر رمزياً أكثر منه عملياً.
على المدى الطويل، يتطلب وقف الحرب وتحقيق السلام ضغوطاً دولية مستمرة، بما في ذلك دعم اقتصادي وإنساني لغزة، وإصلاحات داخلية فلسطينية لتوحيد الجبهة السياسية، مع الحفاظ على الزخم الدبلوماسي الذي تقوده السعودية وفرنسا.