ماذا حدث؟
في 25 يوليو 2025، انهارت محادثات وقف إطلاق النار في غزة بعد سحب الولايات المتحدة وإسرائيل فرق المفاوضات من الدوحة، متهمين حماس بـ”عدم التنسيق” و”سوء النية”، وفق تصريحات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
كانت المحادثات، التي توسطت فيها مصر وقطر، قد اقتربت من اتفاق يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا، إطلاق سراح عشر رهائن إسرائيليين أحياء وبقايا 18 آخرين، مقابل إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية، لكن الخلافات حول استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة وشروط إنهاء الحرب بشكل دائم أعاقت التوصل إلى اتفاق.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دعا إسرائيل إلى “إنهاء المهمة” ضد حماس، عبر عن إحباطه من فشل المفاوضات، مشيرًا إلى أن حماس فقدت نفوذها بعد إطلاق أو مقتل معظم الرهائن.
في غزة، تفاقمت الأزمة الإنسانية مع وفاة أكثر من 100 شخص، معظمهم أطفال، بسبب الجوع، ويعاني واحد من كل خمسة أطفال في مدينة غزة من سوء التغذية.
وكالة الأونروا وصفت السكان بأنهم “جثث تمشي”، بينما تتهم الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إسرائيل بحظر معظم المساعدات.
رداً على ذلك، أعلنت إسرائيل يوم الأحد “هدنة تكتيكية” لمدة عشر ساعات يوميًا في ثلاث مناطق بغزة، مع إنشاء ممرات آمنة لتوزيع المساعدات، وبدأت عمليات إنزال جوي مثيرة للجدل، لكن منظمات الإغاثة وصفتها بأنها غير كافية وخطيرة.
في الوقت نفسه، خرجت مظاهرات في تل أبيب تطالب بإعادة الرهائن، مع تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحرب.
لماذا هذا مهم؟
انهيار المحادثات يعني استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة، المستمر منذ أكثر من 21 شهرًا، مما يفاقم الكارثة الإنسانية التي وصفها رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز بأنها “كارثة إنسانية” لا يمكن تبريرها.
المجاعة المتفاقمة، التي أودت بحياة أطفال مثل الرضيعة الفلسطينية البالغة خمسة أشهر، تثير غضبًا دوليًا متزايدًا، خاصة مع تقارير الأمم المتحدة عن سوء التغذية المنتشر وسط حظر إسرائيل لمعظم المساعدات.
قرار فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر 2025، وهو خطوة تبعتها أكثر من 140 دولة، يضيف ضغطًا دبلوماسيًا على إسرائيل، لكنه أثار غضب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي اعتبره “مكافأة للإرهاب”.
هذا الانهيار يعكس فقدان الثقة المتبادل بين إسرائيل وحماس، حيث تصر إسرائيل على الاحتفاظ بوجود عسكري في غزة، بينما تطالب حماس بمسار لإنهاء الحرب وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
هذا الوضع يعزز الانقسامات الدولية، حيث تتبنى دول مثل بريطانيا وفرنسا مواقف أكثر صرامة ضد إسرائيل، بينما يدعم ترامب تصعيد العمليات العسكرية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التوتر مع الحلفاء.
كما أن فشل المفاوضات يقوض آمال عائلات الرهائن الإسرائيليين ويزيد من اليأس بين الفلسطينيين، مما يهدد بتصعيد العنف.
إعلانات إسرائيل عن هدن تكتيكية وعمليات إنزال جوي، رغم ترحيب بعض الدول بها، تُعتبر غير كافية من قبل منظمات الإغاثة، مما يعزز الشعور بالإحباط من استمرار الأزمة.
ماذا بعد؟
استمرار الحرب في غزة دون هدنة دائمة ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية، مع احتمال ارتفاع عدد الضحايا بسبب المجاعة والقتال.
الهدن التكتيكية الإسرائيلية، التي بدأت يوم الأحد، قد تخفف مؤقتًا من حدة الأزمة، لكنها لا تعالج الجذور الأساسية للصراع، خاصة مع استمرار الحصار ورفض إسرائيل السماح بدخول مساعدات كافية.
منظمات الإغاثة، بما في ذلك الأونروا، تحذر من أن عمليات الإنزال الجوي لن تحل أزمة الجوع، وقد تزيد من المخاطر على السكان.
على الصعيد الدبلوماسي، قد تدفع خطوة فرنسا للاعتراف بدولة فلسطين دولًا أخرى لاتخاذ مواقف مماثلة، مما يزيد الضغط على إسرائيل، لكن استجابة نتنياهو العدائية تشير إلى تصلب موقف إسرائيل.
تصريحات ترامب الداعمة للتصعيد العسكري قد تكون تكتيكًا للضغط على حماس، لكنها قد تؤدي إلى مزيد من العنف إذا لم تستأنف المفاوضات قريبًا.
مصر وقطر أكدتا مواصلة الوساطة، ومسؤول إسرائيلي أشار إلى أن المحادثات لم تنهار بالكامل، مما يترك مجالًا لاستئنافها إذا قدمت حماس تنازلات.
ومع ذلك، فإن غياب جدول زمني واضح واستمرار عدم الثقة يجعلان التوصل إلى اتفاق بعيد المنال.
إذا لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي، فقد تصبح غزة نقطة اشتعال إقليمية، تهدد استقرار الشرق الأوسط وتؤثر على العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع تزايد الإدانات الدولية لإسرائيل.