ماذا حدث؟
في تحول مفاجئ يعيد خلط أوراق المشهد الليبي، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحات مثيرة، اعتبر فيها أن “عمر القيادات الحالية في ليبيا قد انتهى”، داعيًا إلى تمكين جيل جديد من الشباب لقيادة البلاد نحو مستقبل مختلف، بعيدًا عن الانقسامات والتجاذبات السياسية التي خيّمت على البلاد طيلة السنوات الماضية.
لماذا هذا مهم؟
ترافقت تصريحات ترامب مع زيارة مستشاره مسعد بولس إلى طرابلس، حيث التقى مسؤولين بارزين، بينهم رئيسا المجلس الرئاسي والحكومة، وقائد القوات المسلحة، ورئيس البرلمان، إلى جانب شخصيات اقتصادية.
ووفقًا لوكالة “سبوتنيك”، أثارت هذه التحركات تساؤلات حول موقع ليبيا في أجندة ترامب، وطبيعة التغيير الذي يطمح إليه وسط الانقسام السياسي العميق.
المسماري: الواقع يفرض التغيير
الباحث الليبي راقي المسماري علّق على تصريحات ترامب بأنها تعكس “نظرة واقعية للمشهد الليبي”، مشيرًا إلى أن المؤسسات الليبية الحالية – من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى الحكومتين المتصارعتين – تجاوزت فتراتها القانونية، ما يجعل دعوات التغيير أمرًا منطقيًا ومطلوبًا.
لكنه في المقابل، طرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذا التغيير: “هل سيكون عبر انتخابات بإشراف أممي؟ أم من خلال صفقة سياسية جديدة؟ أم أن ترامب يملك خطة مفاجئة على طريقته المعتادة؟”
زيارة بولس.. رسائل بأبعاد مختلفة
أشار المسماري إلى أن زيارة مسعد بولس، رغم عدم انتمائه للقنوات الدبلوماسية الرسمية، تعكس رغبة ترامب في التدخل المباشر بالملف الليبي، خاصة اقتصاديًا.
ولفت إلى أن بولس تجاهل المجلس الأعلى للدولة والحكومة الموازية في الشرق، وركّز لقاءاته في طرابلس وبنغازي، ما فسره مراقبون كمحاولة لتجاوز الأجسام التقليدية المنقسمة.
العبدلي: واشنطن تحضّر لتحرك فعلي
رأى المحلل حسام الدين العبدلي أن تصريحات ترامب تعبّر عن عدم رضا واشنطن عن الوضع الليبي، مؤكدًا أن الطبقة السياسية الحالية عاجزة عن مقاومة أي ضغط أميركي.
وأوضح أن مثل هذه التصريحات غالبًا ما تمهّد لتحركات فعلية، خاصة في ظل مصالح أميركية كبيرة بقطاعات الطاقة والإعمار، بعد توقيع اتفاقيات مع شركات أميركية.
وأضاف أن حكومة الوحدة عرضت استثمارات بـ70 مليار دولار لجذب واشنطن، لكن الأخيرة تفرض أجندتها مستغلة ضعف الداخل الليبي.
ماذا بعد؟
في إشارة إلى تحوّل محتمل، رأى المسماري والعبدلي أن حديث ترامب عن الشباب الليبي يعكس توجهاً لتمكين وجوه جديدة.
وأوضح المسماري أن بعض الشباب الليبيين التقوا مسؤولين أميركيين مؤخراً وقد يشكّلون نواة مشروع سياسي قادم، فيما أشار العبدلي إلى أنهم لم ينالوا فرصاً رغم فشل القيادات الحالية التي تجاوز بعضها السبعين ولا تزال متمسكة بالسلطة، رغم تعمّق الأزمة في البلاد، ما يفتح المجال لجيل قادر على تجاوز الماضي وبناء المستقبل.