ماذا حدث؟
أعلن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أبجر داود، أن تسليم أسلحة قسد في الوقت الحالي “مستحيل” بسبب تصاعد العنف في سوريا، خاصة في السويداء والساحل، وتزايد تهديد تنظيم “داعش”.
وأكد داود أن قسد مستعدة للانضمام إلى الجيش السوري عبر “اتفاق دستوري يعترف بخصوصية المكون الكردي”، مع التأكيد على أن قسد ليست مع الحرب لكنها ستدافع عن شعبها.
هذا التصريح جاء بعد اتفاق وقّعه قائد قسد، مظلوم عبدي، مع الرئيس السوري أحمد الشرع في 10 مارس 2025، يقضي بدمج قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية، بما في ذلك المرافق المدنية والعسكرية مثل حقول النفط والغاز والمطارات في شمال شرق سوريا.
لكن تنفيذ الاتفاق تعثر بسبب مطالب قسد بالحفاظ على هيكلية عسكرية مستقلة والاعتراف بالحكم الذاتي للمكون الكردي، وهو ما قوبل برفض من الحكومة السورية وتركيا، اللذين يصران على وحدة الجيش والدولة.
كما دفعت قسد وحدات عسكرية إضافية إلى مناطق التماس في ريف حلب الشرقي ودير الزور بعد مناوشات مع قوات الأمن العام وفصائل موالية لتركيا، على خلفية أحداث السويداء.
لماذا هذا مهم؟
تراجع قسد عن تسليم أسلحتها يعكس توترات متزايدة في المشهد السوري، حيث تسيطر قسد على نحو ثلث مساحة سوريا، بما في ذلك مناطق غنية بالنفط والغاز، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في الصراع.
رفض تسليم السلاح يهدد اتفاق مارس 2025، الذي يُعتبر تحولًا تاريخيًا لتوحيد سوريا تحت حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
هذا الرفض يعكس مخاوف قسد من فقدان نفوذها العسكري والسياسي في ظل ضغوط تركيا، التي تعتبر قسد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي تصنفه إرهابيًا، وضغوط الحكومة السورية التي ترفض أي كيانات عسكرية مستقلة.
الولايات المتحدة، التي تدعم قسد منذ تأسيسها عام 2015 كشريك رئيسي في مكافحة “داعش”، عارضت أي مطالب انفصالية أو إدارة ذاتية، مؤكدة دعمها لـ”سوريا موحدة بجيش واحد”، مما يضع قسد في موقف صعب بين الحفاظ على هويتها ومصالحها وبين الاندماج الكامل في الدولة.
تصاعد العنف في السويداء والساحل، إلى جانب تهديدات “داعش”، يعزز مبررات قسد للاحتفاظ بالسلاح، لكنه يزيد من مخاطر الصدام مع القوات الحكومية والفصائل الموالية لتركيا، مما قد يعرقل جهود إعادة الإعمار والاستقرار في سوريا.
ماذا بعد؟
مستقبل اتفاق دمج قسد في مؤسسات الدولة السورية يعتمد على مفاوضات معقدة تشمل دمشق، وقسد، وتركيا، والولايات المتحدة.
رفض قسد تسليم السلاح قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، خاصة مع تهديدات تركيا بعمليات عسكرية إذا لم يتم نزع سلاح قسد.
الحكومة السورية، بدعم تركي، ترفض أي تأجيل لتسليم السلاح أو السماح بكتلة عسكرية مستقلة، وقد حملت مظلوم عبدي مسؤولية تعثر الاتفاق.
من جهة أخرى، تسعى قسد إلى ضمانات دستورية تحمي حقوق المكون الكردي، كما أشار صالح مسلم، عضو المجلس الرئاسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي أكد أن قسد ستبقى ملتزمة بالاتفاق إذا توفرت الثقة والضمانات.
ومع ذلك، فإن رفض بعض الكيانات الكردية للإعلان الدستوري الانتقالي الصادر عن دمشق يشير إلى انقسامات داخلية قد تعيق التفاوض.
إذا فشلت المفاوضات، فقد تتجه الأمور نحو مواجهات عسكرية، خاصة في مناطق التماس مثل حلب ودير الزور، حيث تدفع قسد بمزيد من القوات.
على العكس، إذا نجحت الوساطة الأمريكية والدولية في التوصل إلى صيغة توافقية، فقد يتم دمج قسد تدريجيًا في الجيش السوري مع ضمانات محدودة للمكون الكردي، مما يعزز استقرار سوريا.
لكن التوازنات الإقليمية المعقدة، خاصة معارضة تركيا وتردد الحكومة السورية، تجعل هذا السيناريو صعبًا في الوقت الحالي.