ماذا حدث؟
تواجه كابول، عاصمة أفغانستان التي يقطنها حوالي 7 ملايين نسمة، أزمة مائية غير مسبوقة تهدد بجعلها أول عاصمة حديثة في العالم تنفد منها المياه بحلول عام 2030، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة ميرسي كوربس في أبريل 2025.
يعزى هذا الوضع إلى استنزاف المياه الجوفية بسبب النمو السكاني السريع، والتغير المناخي، وسوء إدارة الموارد المائية.
انخفضت مستويات المياه الجوفية في طبقات كابول المائية بمقدار 25-30 مترًا خلال العقد الماضي، مع استخراج 44 مليون متر مكعب سنويًا أكثر مما يمكن تجديده طبيعيًا.
تقريبًا نصف آبار كابول، المصدر الرئيسي لمياه الشرب، جفت بالفعل، مما يضطر السكان إلى الاعتماد على صهاريج المياه باهظة الثمن أو السفر لمسافات طويلة لجلب المياه من الآبار العامة.
بالإضافة إلى ذلك، حوالي 80% من المياه الجوفية ملوثة بالصرف الصحي والنفايات الصناعية، مما يؤدي إلى أمراض متكررة مثل الإسهال والقيء.
لماذا هذا مهم؟
تُعد أزمة المياه في كابول ليست مجرد مشكلة موارد، بل كارثة صحية واقتصادية وإنسانية.
النمو السكاني الهائل، من أقل من مليون نسمة في عام 2001 إلى حوالي 6-7 ملايين في 2025، زاد الطلب على المياه بشكل كبير، خاصة بعد عودة المهاجرين إثر سقوط طالبان عام 2001.
تعتمد كابول بشكل شبه كامل على المياه الجوفية التي تتجدد بذوبان الثلوج من جبال هندوكوش، لكن التغير المناخي قلل من تساقط الثلوج وزاد من الأمطار غير المنتظمة، مما قلل من تجديد الخزانات الجوفية.
سوء الإدارة، مع وجود حوالي 120,000 بئر غير منظمة، ساهم في تفاقم الأزمة.
الوضع السياسي يزيد الطين بلة؛ فبعد سيطرة طالبان في 2021، تجمدت مساعدات دولية بقيمة 3 مليارات دولار، وفي 2025، قُطعت 80% من تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، حيث تم توفير 8 ملايين دولار فقط من 264 مليون دولار مطلوبة لتحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
هذا يهدد بنزوح جماعي قد يصل إلى 3 ملايين شخص إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
الأزمة تؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء والنساء، فالأسر تنفق ما يصل إلى 30% من دخلها على المياه، وكثيرون يتراكمون الديون.
النساء، تحت قيود طالبان التي تمنعهن من الخروج دون محرم، يواجهن مخاطر التحرش أثناء جلب المياه، بينما يضطر الأطفال لتخطي المدرسة لمساعدة عائلاتهم في نقل المياه
الشركات الخاصة تستغل الأزمة بحفر آبار جديدة وبيع المياه بأسعار مرتفعة، مما يزيد من عدم المساواة.
ماذا بعد؟
دون تدخل عاجل، قد تنفد المياه الجوفية في كابول بحلول 2030، مما يجعلها غير صالحة للسكن.
هناك مقترحات لمعالجة الأزمة، مثل بناء سد شاه توت، الذي يمكن أن يوفر مياه الشرب لأكثر من مليوني شخص، وأنبوب مياه من نهر بانجشير لتزويد 100 مليون متر مكعب سنويًا. لكن هذه المشاريع تواجه عقبات تمويلية وسياسية.
تم افتتاح سد شاه وعروس في ديسمبر 2024 بتكلفة 52-250 مليون دولار لتوفير مياه الشرب لـ20,000 شخص ومياه الري لـ3,500 هكتار، لكن هذا المشروع وحده غير كافٍ لتلبية احتياجات المدينة المتزايدة.
منظمات مثل اليونيسف واللجنة الدولية للصليب الأحمر نفذت مشاريع صغيرة، مثل إصلاح مضخات يدوية وتركيب فلاتر بيولوجية، لكنها لا تكفي دون استثمارات كبيرة في البنية التحتية.
يجب على الحكومة الأفغانية تحسين إدارة الموارد المائية، وتنظيم حفر الآبار، واستعادة البنية التحتية مثل خزان قارغة المتضرر من تراكم الرواسب.
التمويل الدولي ضروري لدعم هذه المبادرات، لكن العزلة السياسية لنظام طالبان تعيق التقدم.
إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية، قد تواجه كابول كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع نزوح جماعي وتفاقم الفقر والصراعات المحلية حول المياه.