ماذا حدث؟
في 6 يونيو 2025، بدأت مداهمات إدارة الهجرة والجمارك (ICE) في لوس أنجلوس، مستهدفة مهاجرين غير مسجلين، مما أدى إلى اعتقال العشرات، بما في ذلك الزعيم النقابي ديفيد هويرتا.
أثارت هذه العمليات احتجاجات عنيفة، حيث أحرق المتظاهرون سيارات ذاتية القيادة لشركة Waymo، واشتبكوا مع الشرطة، وقطعوا طريقًا سريعًا رئيسيًا.
يوم السبت، 7 يونيو، أمر ترامب بنشر 2000 من أفراد الحرس الوطني دون موافقة حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم أو رئيسة بلدية لوس أنجلوس كارين باس، في خطوة غير مسبوقة منذ عقود.
بحلول الأحد، كان 300 من أفراد الحرس الوطني في المدينة، مع 1600 آخرين في انتظار الأوامر.
تصاعدت التوترات يوم الأحد، مع استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، واعتقال 50 متظاهرًا بتهم تتراوح بين العصيان والاعتداء.
في الوقت نفسه، أعلن جيش الولايات المتحدة الشمالي وضع 700 من مشاة البحرية في حالة “جاهزية للنشر” لحماية الممتلكات الفيدرالية، مما أثار مخاوف من تصعيد عسكري.
ترامب استخدم مصطلح “التمرد” لوصف المتظاهرين، لكنه تراجع لاحقًا، قائلاً إن الوضع “ليس تمردًا تمامًا” لكنه قد يؤدي إليه.
مستشاره ستيفن ميلر وصف الاحتجاجات بـ”التمرد”، مشيرًا إلى أن المهاجرين “غزاة” يجب ترحيلهم.
ردت كاليفورنيا بقوة، أعلن الحاكم نيوسوم وباس أن النشر غير قانوني، ورفع دعوى قضائية ضد الإدارة الأمريكية، كما أنهت مدينة غلانديل اتفاقية مع ICE لاحتجاز المهاجرين، معتبرة أن العقد أصبح “مثيرًا للانقسام”.
في الوقت نفسه، نظمت النقابات احتجاجات في مدن أمريكية أخرى للمطالبة بإطلاق سراح هويرتا، الذي أُفرج عنه بكفالة 50 ألف دولار يوم الإثنين.
لماذا هذا مهم؟
تُعد احتجاجات لوس أنجلوس اختبارًا حاسمًا لسياسات ترامب المتشددة تجاه الهجرة، وتُبرز التوترات العميقة بين الإدارة الفيدرالية والولايات الديمقراطية.
أولاً، تُظهر هذه الأحداث استعداد ترامب لتجاوز القيود القانونية والتقليدية لتعزيز صورته كقائد صلب، فنشر الحرس الوطني دون موافقة الحاكم يُشير إلى نهج استبدادي، خاصة مع تهديدات باستخدام قانون التمرد لتبرير نشر القوات العسكرية، وهو ما ينتهك قانون Posse Comitatus الذي يحظر استخدام الجيش في إنفاذ القانون داخل البلاد.
ثانيًا، تُعزز الاحتجاجات الانقسام السياسي في أمريكا، فترامب يستغل الاضطرابات لتصوير المدن الديمقراطية كـ”فوضوية”، موجهاً رسالة إلى قاعدته الجمهورية بأنه يواجه “العدو الداخلي”.
ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي، مثل استطلاع CBS، أن 56% من الأمريكيين يعارضون أسلوبه في التعامل مع الهجرة، مما يُشير إلى مخاطر سياسية محتملة.
ثالثًا، تُسلط الأحداث الضوء على دور المهاجرين والنقابات كقوة مقاومة، فاعتقال هويرتا أثار احتجاجات وطنية، مما يُظهر قدرة المجتمعات المهاجرة على التعبئة.
هذا التحدي قد يُعقد خطط ترامب للترحيل الجماعي، خاصة أن أعداد الترحيل لم تصل بعد إلى المستويات التي وعد بها في حملته.
أخيرًا، تُثير الاحتجاجات تساؤلات حول استقلالية المؤسسات العسكرية، فتهديد وزير الدفاع بيت هيغسيث بنشر مشاة البحرية، رغم عدم وجود مبرر قانوني، يُشير إلى ولائه لترامب على حساب القوانين، مما يُنذر بتسييس الجيش.
ماذا بعد؟
قد تُجبر احتجاجات لوس أنجلوس ترامب على إعادة تقييم استراتيجيته، لكنها قد تدفعه أيضًا لتصعيد أكبر، فإذا استمرت الاحتجاجات، فقد يلجأ ترامب إلى قانون التمرد، مما يسمح بنشر القوات العسكرية لإنفاذ القانون، وهو ما سيُثير مواجهة قانونية وسياسية مع كاليفورنيا والديمقراطيين.
الدعوى القضائية التي رفعها نيوسوم قد تُبطئ نشر الحرس الوطني، لكن قرار المحكمة سيحدد مدى قدرة ترامب على تجاوز السلطات المحلية.
في المدى القريب، ستستمر الاحتجاجات، خاصة مع دعم النقابات والمجتمعات المهاجرة، فإطلاق سراح هويرتا قد يُعزز زخم المتظاهرين، لكن العنف المتصاعد، كإحراق السيارات ومهاجمة الشرطة، قد يُبرر لترامب تصعيدًا عسكريًا.
على الجانب الآخر، قد يُجبر الضغط السياسي من الديمقراطيين، مثل النائبة ماكسين ووترز، ترامب على تخفيف حدة نهجه لتجنب خسارة دعم الجمهور.