ماذا حدث؟
في أقل من عام، تحولت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك من تحالف وثيق إلى نزاع علني حاد، أثار اهتمام وسائل الإعلام والجمهور.
بدأ التحالف بين ترامب وماسك في يوليو 2024، بعد محاولة اغتيال ترامب، حين أعلن ماسك دعمه له، مقدمًا 288 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية.
بعد فوز ترامب، عيّن ماسك رئيسًا لإدارة كفاءة الحكومة (DOGE)، التي هدفت إلى خفض الإنفاق الحكومي بمقدار تريليوني دولار.
في الأشهر الأولى، كان ماسك حضورًا دائمًا في البيت الأبيض، مقيمًا حتى في منتجع مار-أ-لاغو الخاص بترامب.
قاد ماسك تخفيضات واسعة في برامج مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة التعليم، لكنه واجه مقاومة متزايدة من المعينين التنفيذيين في مارس 2025، مما قلص سلطات DOGE.
في مايو 2025، أعلن ماسك استقالته من DOGE، مدعيًا تحقيق وفورات بـ180 مليار دولار، وهو رقم مبالغ فيه وأقل بكثير من هدفه الأصلي.
رغم حفل وداع ودي في البيت الأبيض، حيث قدم ترامب لماسك “مفتاحًا ذهبيًا” رمزيًا، تصاعد التوتر بسبب مشروع قانون ترامب “One Big Beautiful Bill” (OBBB).
هذا القانون، الذي يتضمن تخفيضات ضريبية بقيمة 3 تريليون دولار، زاد من الدين العام، مما أثار غضب ماسك.
في يونيو 2025، أطلق ماسك حملة على منصته إكس، واصفًا القانون بـ”الوباء البغيض” الذي سيثقل كاهل الأمريكيين بديون “لا تُطاق”.
رد ترامب بالهجوم، مشيرًا إلى أن ماسك “فقد صوابه” وتصاعد الخلاف عندما دعا ماسكس إلى عزل ترامب، متهمًا إياه بالتورط في ملفات جيفري إبستين، قبل أن يحذف هذه التغريدات لاحقًا.
لماذا هذا مهم؟
هذا النزاع يكشف عن هشاشة التحالفات السياسية المبنية على المصالح الشخصية، ويشير إلى تعقيدات إدارة ترامب.
أولًا، يُظهر الخلاف الانقسام داخل الحزب الجمهوري حول السياسات الاقتصادية، فدعم ماسك لخفض الإنفاق يتعارض مع نهج ترامب في زيادة الدين لتمويل التخفيضات الضريبية، مما يعزز موقف المحافظين الماليين مثل السيناتور راند بول، الذين يعارضون القانون.
ثانيًا، يُبرز النزاع تأثير الأفراد الأثرياء على السياسة الأمريكية، حيث كان ماسك، بثروته ومنصته إكس، لاعبًا رئيسيًا في دعم ترامب، لكنه اكتشف حدود نفوذه عندما قاومه المعينون التنفيذيون، واستقالته من DOGE وهجومه على القانون يعكسان إحباطه من عدم تحقيق رؤيته لإصلاح الحكومة بأسلوب الشركات.
ثالثًا، أضر الخلاف بسمعة ماسك وشركاته، فتراجعت مبيعات تسلا بسبب الجدل حول دوره السياسي، وساهم هجوم ترامب على دعم السيارات الكهربائية في انخفاض أسهم الشركة، كما أثارت مزاعم عن تعاطي ماسك للمخدرات وظهوره بعلامات جسدية مقلقة جدلًا حول استقراره الشخصي، مما زاد من الضغوط عليه.
أخيرًا، يُثير النزاع تساؤلات حول استقرار إدارة ترامب، فاستخدام ترامب لماسك كواجهة لتخفيضات حكومية مثيرة للجدل، ثم التخلي عنه، يكرر نمطًا سابقًا في تعامله مع حلفاء مثل ستيف بانون، مما يُنذر بمزيد من الاضطرابات.
ماذا بعد؟
من المرجح أن يتراجع ماسك عن السياسة مؤقتًا، كما أشار في تصريحاته الأخيرة، للتركيز على شركاته مثل تسلا وسبيس إكس، خاصة بعد الضرر الذي لحق بسمعتهما.
حذف ماسك تغريداته المثيرة للجدل يُشير إلى رغبته في تهدئة الوضع، لكن تهديدات ترامب بقطع العقود الحكومية مع شركات ماسك قد تجبره على البحث عن حلفاء جدد، ربما عبر دعم مرشحين جمهوريين معارضين للقانون في انتخابات التجديد النصفي 2026.
بالنسبة لترامب، فإن تمرير القانون يبقى أولوية، وسيواصل الضغط على السيناتور الجمهوريين لتأمين الأصوات اللازمة بحلول 4 يوليو 2025.
ومع ذلك، فإن دعم ماسك للمعارضين قد يُعقد هذه الجهود، خاصة إذا استغل منصته إكس لتعبئة أنصاره.
على المدى الطويل، يُسلط النزاع الضوء على مخاطر تركيز السلطة بيد أفراد أثرياء، بينما يبدو أن ترامب فاز في هذه الجولة، فإن قدرة ماسك على التأثير عبر ثروته ومنصته قد تجعل الصراع مستمرًا.
بالنسبة للديمقراطية الأمريكية، فإن هذا الصراع يُبرز تحديًا أعمق: كيفية الحد من تأثير المليارديرات على العملية السياسية، بينما يتحول الناخبون إلى متفرجين في دراما سياسية تشبه برامج الواقع.