بعد 6 أشهر.. هل تدخل العلاقات اللبنانية الإسرائيلية مرحلة جديدة؟

هل تدخل العلاقات اللبنانية الإسرائيلية مرحلة جديدة؟

ماذا حدث؟

منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر 2024، شهدت العلاقات بين لبنان وإسرائيل تقدمًا نسبيًا في تنفيذ الاتفاق، لكنه لم يخلُ من التحديات.

انتشر الجيش اللبناني (LAF) جنوب نهر الليطاني، وصادر بعض أسلحة حزب الله، لكنه لم يُظهر عزيمة كافية لنزع سلاح الحزب بشكل كامل.

في المقابل، واصلت إسرائيل عملياتها العسكرية، مستهدفة بنى تحتية وأفراد حزب الله، مما أدى إلى مقتل حوالي 200 مقاتل منذ بدء الاتفاق.

هذه العمليات، التي شملت غارات على مواقع إنتاج طائرات مسيرة في بيروت وجنوب لبنان، أثارت انتقادات لبنانية بوصفها انتهاكات للاتفاق، لكنها عكست دور إسرائيل كضامن أمني في ظل تقاعس الجيش اللبناني.

سياسيًا، انتُخب جوزيف عون رئيسًا للبنان، ونُواف سلام رئيسًا للوزراء، في خطوة أنهت فراغًا سياسيًا دام عامين.

عون، المنتقد لحزب الله، أكد على احتكار الدولة للسلاح، لكنه يتحرك بحذر لتجنب الصراع الداخلي.

حزب الله، رغم خسارته العسكرية والمالية، حافظ على نفوذه السياسي، محققًا نتائج جيدة في الانتخابات البلدية الأخيرة، لكنه يواجه تناقصًا في دعم المسيحيين والسنة.

في الوقت نفسه، أعربت السلطة الفلسطينية عن دعمها لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان، لكن هذا الهدف يبقى رمزيًا بسبب سيطرة حماس المتزايدة على هذه المخيمات.

خارجيًا، أسهمت الولايات المتحدة في تمديد الاتفاق حتى 18 فبراير 2025، بعد فشل إسرائيل في الانسحاب الكامل بحلول 26 يناير. كما أعاقت الحكومة السورية الجديدة تهريب أسلحة حزب الله من إيران، مما زاد من عزلته.

ومع ذلك، واصلت إسرائيل احتلال خمس نقاط تلال جنوبية، مما أثار توترات مع لبنان، الذي طالب بانسحاب كامل.

لماذا هذا مهم؟

يُعد هذا الوضع محوريًا لأنه يُشكل مستقبل لبنان وعلاقاته مع إسرائيل في سياق إقليمي مضطرب:

أولاً، يُشكل نجاح أو فشل نزع سلاح حزب الله اختبارًا لسيادة الدولة اللبنانية، ففشل الجيش اللبناني في فرض احتكار السلاح قد يُعيد حزب الله إلى دوره كقوة موازية، مما يُهدد استقرار لبنان ويُعقد العلاقات مع إسرائيل.

ثانيًا، تُظهر الانتخابات البلدية الأخيرة أن حزب الله يعتمد على النفوذ السياسي لتعويض خسائره العسكرية، مما يجعل الانتخابات البرلمانية في مايو 2026 حاسمة، فإذا خسر الحزب مقاعد كبيرة، فقد يضعف نفوذه، مما يُسهل نزع سلاحه ويعزز فرص الاستقرار.

ثالثًا، تُبرز التطورات دور اللاعبين الإقليميين والدوليين. عودة السعودية إلى لبنان تُعزز التوجه الغربي، بينما دعم قطر لجماعات مرتبطة بحماس يُعقد المشهد السياسي، كما أن تراجع نفوذ إيران، بعد سقوط الأسد، يُضعف حزب الله وحماس، مما يمنح لبنان فرصة لإعادة توجيه سياسته الخارجية.

رابعًا، تُشكل قضية المخيمات الفلسطينية تحديًا أمنيًا وسياسيًا، فسيطرة حماس عليها تُعزز النفوذ الإيراني بالوكالة، ونزع سلاحها قد يكون نموذجًا للتعامل مع حزب الله.

أخيرًا، تُشير استمرارية العمليات الإسرائيلية إلى فقدان الردع المتبادل الذي ساد منذ 2006، مما يجعل الاتفاق هشًا، فإذا استمر الوضع دون تقدم في نزع السلاح أو انسحاب إسرائيل، فقد يُعرض الاتفاق للانهيار، مما يُعيد التصعيد.

ماذا بعد؟

للمضي قدمًا، سيسرع لبنان نزع سلاح حزب الله والمخيمات الفلسطينية، وهو ما يتطلب دعمًا دوليًا قويًا، وستعزز الولايات المتحدة  قدرات الجيش اللبناني عبر تمويل المعدات ورواتب الجنود، مع فرض عقوبات على سياسيي حزب الله وحلفائهم لتقليص نفوذهم السياسي.

من جهة إسرائيل، يجب أن تُكمل انسحابها من النقاط الخمس لتخفيف الضغط على الحكومة اللبنانية، شريطة تقدم الجيش اللبناني في نزع السلاح، فاستمرار العمليات الإسرائيلية قد يُقوض مصداقية الحكومة اللبنانية، مما يُعزز حزب الله سياسيًا.

كما ينبغي استكشاف محادثات حول الحدود، بما في ذلك مزارع شبعا، كجزء من الاتفاق، مع إبقاء أهداف التطبيع طويلة الأمد.

في المخيمات الفلسطينية، يتطلب نزع السلاح تعاونًا بين الحكومة اللبنانية والسلطة الفلسطينية، مع ضغط دولي على قطر وتركيا لتقليص دعمهما لحماس، فإذا نجحت هذه الجهود، فقد تُشكل نموذجًا للتعامل مع حزب الله.

على المدى الطويل، يعتمد الاستقرار على قدرة لبنان على فرض سيادته وإنهاء الفراغ السياسي، بمساندة المجتمع الدولي.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *