ماذا حدث؟
في مايو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق العقوبات على سوريا، مُشيرًا إلى رغبته في تطبيع العلاقات مع الحكومة الجديدة في دمشق.
هذه الخطوة جاءت كإشارة إيجابية لدول إقليمية مثل تركيا والسعودية، التي طالبت واشنطن بدعم إعادة إعمار سوريا.
في 23 مايو، أصدرت الإدارة الأمريكية الترخيص العام 25، الذي يُسهل بعض القيود المرتبطة بالعقوبات، لكنه لا يشمل الضوابط الصارمة على تصدير المعدات والمواد اللازمة لإعادة البناء، والتي تُعيقها قوانين أمريكية مثل قانون محاسبة سوريا (2003) وتسمية سوريا كدولة راعية للإرهاب منذ 1979.
في المقابل، بدأت الصين في استكشاف فرص استثمارية في سوريا. منذ فبراير 2025، أجرت بكين محادثات مع وزراء سوريين حول مشاريع بنية تحتية، وشاركت 22 شركة صينية في مؤتمر إعادة إعمار في دمشق.
بعد إعلان ترامب، وقّعت السلطة العامة للموانئ السورية مذكرة تفاهم مع شركة صينية لمنحها امتيازات استثمارية في بلدتين سوريتين.
تتماشى هذه الخطوات مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تُركز على مشاريع البنية التحتية في الدول النامية.
بينما تُحظر الترخيص الأمريكي شراء مواد من روسيا وإيران وكوريا الشمالية، فإنه لا يذكر الصين صراحةً، مما يمنحها فرصة لملء الفراغ.
لماذا هذا مهم؟
تُعد هذه المنافسة حاسمة لأنها تُشكل مستقبل سوريا ونفوذ القوى العظمى في الشرق الأوسط.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن دعم سوريا الجديدة يُمكن أن يُضعف نفوذ حلفاء الأسد التقليديين، روسيا وإيران، ويُعزز التوجه الغربي في المنطقة.
كما أن إزالة العقوبات وتخفيف ضوابط التصدير تُشجع الشركات الأمريكية على المشاركة في إعادة الإعمار، مما يُعزز النفوذ الاقتصادي والسياسي لواشنطن.
ترامب، الذي أكد خلال زيارته للخليج أن الدول العربية لن تتحول إلى الصين، يرى في سوريا اختبارًا لقيادته في مواجهة بكين.
للصين، تُمثل سوريا فرصة لتوسيع نفوذها عبر مبادرة الحزام والطريق، خصوصًا بعد انضمام سوريا إليها في يناير 2022.
دعم إعادة الإعمار يُعزز مكانة الصين كشريك اقتصادي رئيسي في المنطقة، خاصة مع تراجع نفوذ روسيا وإيران بعد سقوط الأسد.
ومع ذلك، تواجه الصين تحديات، حيث أثارت دعمها السابق للأسد، عبر استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي، استياءً بين السوريين، مما قد يُعقد علاقاتها مع الحكومة الجديدة..
إقليميًا، تُفضل دول مثل تركيا والسعودية والإمارات التعاون مع الولايات المتحدة، لكن استمرار القيود الأمريكية قد يدفعها لقبول العروض الصينية.
كما أن وجود مقاتلين أويغور من حزب تركستان الإسلامي في سوريا، الذين شاركوا في الإطاحة بالأسد، يُثير قلق بكين بشأن الأمن الداخلي، مما قد يدفعها لتكثيف انخراطها لاحتواء هذا التهديد..
ماذا بعد؟
لضمان تفوقها، يجب على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف ضوابط التصدير، كما فعلت جزئيًا في 2013 بإصدار استثناءات لقانون محاسبة سوريا.
يُمكن أن تُشجع هذه الخطوة الشركات الأمريكية على الاستثمار في قطاعات حيوية مثل النقل والطاقة، مما يُقلل الاعتماد على الصين.
كما من المتوقع أن يقوم ترامب بالضغط على حلفاء مثل تركيا والخليج لاستبعاد الشركات الصينية من مشاريع إعادة الإعمار، مُستغلاً زخم زيارته الإقليمية.
من ناحية أخرى، قد تُواصل الصين نهجها الحذر، مُركزةً على مشاريع بنية تحتية دون التدخل العسكري المباشر، كما فعلت خلال الحرب الأهلية السورية.