ماذا حدث؟
بعد أربعة أشهر من الدبلوماسية المكوكية الفوضوية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، ومحادثات هاتفية متكررة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الروسي فلاديمير بوتين، ومحاولات أمريكية مستمرة للضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتقديم تنازلات، لم تُسفر هذه الجهود عن أي نتيجة.
السبب بسيط: لا يوجد اتفاق ممكن مع روسيا بشأن أوكرانيا، حيث تُصر موسكو على إنهاء سيادة أوكرانيا وهويتها الوطنية، بينما تسعى أوكرانيا للحفاظ على استقلالها.
هذا التناقض يجعل أي مفاوضات أو هدنة مؤقتة مجرد استراحة استراتيجية للكرملين، كما يرى المحلل أندرياس أوملاند.
بوتين نفسه أشار إلى “الجذور الأساسية” للأزمة، وهي وجود أوكرانيا كدولة مستقلة، وهو ما يعتبره تهديدًا منذ قمة الناتو عام 2008.
تصريحات فلاديمير ميدينسكي، أحد ممثلي الكرملين، تؤكد هذا الموقف، مشيرًا إلى استعداد روسيا للقتال “إلى الأبد”.
لماذا هذا مهم؟
تكشف هذه الحرب عن صراع وجودي لا يقبل الحلول الوسط، فأهداف روسيا الإمبريالية تجعل التفاوض مستحيلاً، إذ يرى الكرملين أوكرانيا جزءًا لا يتجزأ من هيمنته الاستعمارية.
لكن الواقع العسكري يُظهر تحديات هائلة لروسيا: تقدمها بطيء، حيث سيطرت على 1627 كم² في شرق أوكرانيا خلال أربعة أشهر من 2025، مقابل 160,600 خسارة بشرية، أي 99 جنديًا لكل كيلومتر مربع، وفقًا لمعهد دراسات الحرب.
اقتصاديًا، تعاني روسيا من عجز متزايد وديون غير مستدامة، كما يشير تشارلز ليتشفيلد من مجلس الأطلسي.
تقرير كريغ كينيدي من جامعة هارفارد يكشف أن “المرونة” الاقتصادية الروسية وهمية، معتمدة على قروض ميسرة غير معلنة لمقاولي الدفاع.
في المقابل، تسعى روسيا لفصل الحرب عن علاقاتها مع واشنطن، عارضة تعاونًا اقتصاديًا في مجالات مثل المعادن النادرة لتخفيف العقوبات، بينما تواصل قصف المدن الأوكرانية.
ترامب يبدو منفتحًا على هذا التعاون، لكن مشروع قانون عقوبات روسيا 2025 في مجلس الشيوخ الأمريكي يُظهر مقاومة لهذا التوجه.
ماذا بعد؟
على المدى القصير، ستبقى الحرب الميدانية، مع استمرار روسيا في هجماتها المكلفة وأوكرانيا في صمودها.
أوروبا، بقيادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بدأت تعزيز دعمها العسكري لأوكرانيا، مع حزمة عقوبات جديدة في 20 مايو، لكن الخلافات الداخلية، خاصة من المجر وسلوفاكيا، قد تعيق هذا الدعم.
أوكرانيا، التي لا تملك خيار الاستسلام، طورت صناعة أسلحة محلية تركز على الطائرات المسيرة، مما يُغير طبيعة الحرب، كما توضح الصحفية ناتاليا غومينيوك.
على المدى الطويل، ستعتمد نتيجة الحرب على قدرة الغرب على مواصلة دعم أوكرانيا، وإذا تخلت الولايات المتحدة عن دعمها، سيتعين على أوروبا سد الفجوة، وهو تحدٍ كبير.
بالنسبة لروسيا، استمرار الحرب قد يؤدي إلى استنزاف اقتصادي وعسكري، لكن بوتين يراهن على إرهاق الغرب، أما أوكرانيا، فستواصل القتال، لأن الاستسلام يعني الزوال.