ماذا حدث؟
عززت هيمنة الدولار كعملة احتياط عالمية، التي بدأت منذ قرن تقريبًا، مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى اقتصاديًا وجيوسياسيًا.
هذا “الامتياز الاستثنائي” يتيح للولايات المتحدة تمويل عجوزات مالية ضخمة بفوائد منخفضة، ودعم ميزانية دفاعية كبيرة، وتأمين تدفقات التجارة العالمية، مما عزز النمو العالمي وثقة المستثمرين في الأصول الأمريكية.
لكن مع تراجع الحصة النسبية للاقتصاد الأمريكي عالميًا، ومحاولات منافسين مثل الصين وروسيا لتقليص هيمنة الدولار عبر “نزع الدولرة”، يواجه هذا النظام تهديدات.
سياسات إدارة ترامب، خاصة التعريفات الجمركية ومقترحات مثل “اتفاق مار-آ-لاغو” لإضعاف الدولار، قد تسرع من تآكل هذه الهيمنة، مما يهدد القدرة على تمويل الدفاع والنفوذ الجيوسياسي.
لماذا هذا مهم؟
هيمنة الدولار تمنح الولايات المتحدة نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا هائلاً، فالدولار يشكل 60% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية ويُستخدم في 96% من معاملات التجارة في الأمريكتين.
هذا يتيح تمويل ديون حكومية بقيمة 27.4 تريليون دولار (يوليو 2024) بتكلفة منخفضة، ودعم ميزانية دفاعية بـ816 مليار دولار (2023).
تراجع هيمنة الدولار سيرفع تكاليف الاقتراض، مما يضطر الولايات المتحدة لخفض الإنفاق العسكري أو الاجتماعي، ويقلل قدرتها على فرض عقوبات.
الصين، التي تسيطر على 85% من المعادن النادرة، تستفيد من أي فراغ نفوذ، بينما تعيق التعريفات الأمريكية التجارة العالمية، وقد تقلل الصادرات الأوروبية إلى أمريكا بثلث حجمها، مما يزيد التضخم ويضعف الأسواق المالية.
ماذا بعد؟
يرى المعهد الأطلسي، أنه للحفاظ على هيمنة الدولار، يجب على الولايات المتحدة تعزيز النمو الاقتصادي عبر الابتكار في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، وتقليص العجز المالي (6% من الناتج المحلي حاليًا) بتحسين كفاءة الضرائب وتقليل إنفاق القطاع الصحي.
لذلك ينبغي الحفاظ على أسواق مالية مفتوحة وشفافة، مع تعزيز التنظيم لتجنب أزمات مثل انهيار سوق السندات (2020)، بجانب تعزيز التحالفات مع أوروبا واليابان والهند، وتوسيع اتفاقيات مثل أوكوس والكواد، سيحمي سلاسل التوريد ويعزز التجارة بالدولار.
كما سيتم تعزيز العلاقات مع الأسواق الناشئة في إفريقيا وآسيا عبر استثمارات منافسة لمبادرة الحزام والطريق الصينية، مع إعادة هيكلة مؤسسات بريتون وودز لدعم الدول النامية.
ويرى مراقبون أن استخدام العقوبات بحذر سيمنع إعادة توجيه التجارة بعيدًا عن الدولار، وأنه بدون هذه الإجراءات، قد تفقد الولايات المتحدة نفوذها، مما يسمح للصين ودول استبدادية أخرى بملء الفراغ، مهددةً الأمن والاستقرار الاقتصادي الأمريكي.