ماذا حدث؟
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدهشة بسياسته الخارجية في الشرق الأوسط، خاصة في المفاوضات الجارية مع إيران حول برنامجها النووي.
تصريحاته وفريقه تتأرجح بين هدف محدود بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، مع السماح بتخصيب اليورانيوم تحت إشراف مشدد، وموقف متشدد يطالب بوقف التخصيب كليًا لضمان عدم تطوير قنبلة نووية.
في السعودية، أشار ترامب إلى شمول المفاوضات لسلوك إيران الإقليمي، مثل دعم الوكلاء الإرهابيين، لكنه استبعد استخدام القوة العسكرية، مفضلاً العودة إلى سياسة “الضغط الأقصى” الاقتصادية من ولايته الأولى، وهو ما قد يريح القادة الإيرانيين الذين يخشون الهجوم العسكري لكنهم اعتادوا الصمود تحت العقوبات.
لماذا هذا مهم؟
يحذر روبرت ساتلوف، مديرمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مقاله بصحيفة The Hill، من أن ترامب قد يعلن عن “أعظم انتصار دبلوماسي” عبر اتفاق مؤقت يزعم إزالة خطر تطوير إيران لسلاح نووي، مع السماح بتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية.
مثل هذا الاتفاق سيؤخر تقدم إيران النووي مؤقتًا ويخفف الخوف من اندفاع نووي، لكنه سيحقق أهداف إيران الرئيسية: تجنب ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية، ومنع “الرد السريع” لعقوبات الأمم المتحدة.
إيران لن تتخلى عن حق التخصيب الذي حصلت عليه في اتفاق أوباما 2015، وسوف تستغل الوقت لتعزيز دفاعاتها الجوية وتطوير قدراتها، مما يقلل من مخاطر الهجوم العسكري مستقبلاً، كما أن إيران لن تجد صعوبة في مناقشة وقف دعم الإرهاب، إذ تنكر تورطها أصلاً.
الاتفاق المؤقت قد يُروَّج كنجاح تاريخي لترامب، لكنه سيكون نصرًا لإيران، إذ يحافظ على برنامجها النووي ويمنحها الوقت لتعزيز قدراتها دون تنازلات جوهرية.
مستشارو ترامب قد يقنعونه بأن النفوذ الأمريكي الحالي لا يكفي لإجبار إيران على التخلي عن التخصيب أو تغيير سلوكها الإقليمي، لكن ساتلوف يرى أن هذا التفكير خاطئ، لأن الفرصة متاحة الآن لاستخدام النفوذ الأمريكي لإجبار إيران على الاختيار بين مستقبل قاتم مع استمرار التخصيب والأنشطة التخريبية، أو مستقبل واعد بالتخلي عنهما.
ويوضح ساتلوف أن فشل ترامب في استغلال هذا النفوذ قد يعني تفويت فرصة لتغيير دائم في سلوك إيران.
ماذا بعد؟
إذا أعلن ترامب عن اتفاق مؤقت، فقد يُقدم كإنجاز دبلوماسي كبير، لكنه سيثير انتقادات من المتشددين في الحزب الجمهوري وإسرائيل، الذين يطالبون بتفكيك برنامج إيران النووي بالكامل.
إيران، بدورها، قد تستغل الاتفاق لتعزيز موقفها الإقليمي والاقتصادي دون التخلي عن طموحاتها طويلة الأمد.
لتحقيق انتصار دبلوماسي حقيقي، يجب أن يصر ترامب على اتفاق شامل ينهي التخصيب ويحد من سلوك إيران الإقليمي، مستغلاً ضعف إيران الحالي، وخلاف ذلك، قد يكون “الانتصار” مجرد تأخير لمواجهة أكبر.