هل يستطيع ترامب منع الصدام بين إسرائيل وتركيا في سوريا؟

هل يستطيع ترامب منع الصدام بين إسرائيل وتركيا؟

مع تصاعد التوترات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تبرز مخاطر الصدام بين حليفين أمريكيين رئيسيين: إسرائيل وتركيا.

وسط هذا الصراع المتصاعد على النفوذ، يقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه كوسيط محتمل، مستفيدًا من علاقاته الوثيقة بكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

لكن، هل يستطيع ترامب فعلاً منع التصعيد العسكري بين الطرفين؟

ماذا يحدث؟

منذ انهيار نظام الأسد، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا، حيث استولت على المنطقة العازلة التي تراقبها الأمم المتحدة، ونفذت غارات جوية منهجية على البنية التحتية العسكرية السورية، وأقامت مواقع عسكرية جديدة.

الهدف الرئيسي لهذه العمليات هو الحد من النفوذ التركي المتزايد في سوريا، الذي تعتبره إسرائيل تهديدًا أكبر من إيران في الوقت الحالي.

استهدفت إسرائيل قواعد جوية كانت تركيا تسعى للسيطرة عليها، مثل قاعدة T-4 في حمص، التي دُمرت بالكامل في أبريل 2025، في رسالة واضحة لأنقرة.

من جانبها، تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في سوريا من خلال دعم فصائل المعارضة، مثل هيئة تحرير الشام، التي أطاحت بالأسد.

أردوغان يرى في سوريا ما بعد الأسد فرصة استراتيجية لتحقيق أهداف داخلية وخارجية.

داخليًا، يأمل في إعادة ملايين اللاجئين السوريين لتخفيف الضغط السياسي قبل انتخابات 2028، وتأمين عقود إعمار مربحة لدعم اقتصاد بلاده المتعثر.

خارجيًا، يسعى لتحسين العلاقات مع واشنطن من خلال استقرار سوريا، والضغط لإعادة تركيا إلى برنامج F-35 الأمريكي بعد طردها بسبب شراء منظومة S-400 الروسية.

التوترات بين إسرائيل وتركيا تصاعدت مع تباين رؤاهما لمستقبل سوريا، فإسرائيل تريد سوريا ضعيفة ومجزأة لضمان أمنها، بينما تسعى تركيا إلى دولة موحدة تتماشى مع مصالحها.

ذا التناقض أثار تحذيرات من صدام محتمل، حيث حذر خبراء مثل إفرات أفيف من جامعة بار-إيلان من احتمال وقوع مواجهة عسكرية محدودة إذا لم تُدار الخلافات بحكمة.

لماذا هذا مهم؟

منع الصدام بين إسرائيل وتركيا ليس مجرد قضية إقليمية، بل يتعلق بالاستقرار العالمي، فسوريا، التي أصبحت ساحة تنافس بعد انهيار نظام الأسد، قد تتحول إلى “عش الأعشاب” الذي يعاني من صراع “الفيلة”، كما يقول المثل الأفريقي الذي استشهد به الخبير كريم إميل بيطار.

أي تصعيد قد يعرقل جهود إعادة إعمار سوريا، يزيد من تدفق اللاجئين، ويعيد تنشيط تنظيمات متطرفة مثل داعش.

بالنسبة لترامب، نجاح الوساطة قد يعزز رؤيته للشرق الأوسط، التي تركز على تقليص النفوذ الإيراني وتعزيز التحالفات الإقليمية مثل اتفاقيات أبراهام، التي دعا الشرع للانضمام إليها.

ترامب، الذي أشاد بكل من نتنياهو وأردوغان، عرض التوسط لحل التوترات، مستفيدًا من علاقته “الجيدة جدًا” مع أردوغان، الذي وصفه بـ”الرجل الذكي والقوي” الذي “حقق ما لم يحققه أحد منذ 2000 عام” بإطاحة الأسد عبر “وكلاء”.

في لقاء مع نتنياهو في أبريل 2025، طالب ترامب الأخير بأن يكون “معقولاً” في التعامل مع تركيا، محذرًا إياه من التصعيد، وقال: “إذا كانت لديك مشكلة مع تركيا، أعتقد أنني سأتمكن من حلها، لكن يجب أن تكون معقولاً.”

ماذا بعد؟

ترامب لديه أدوات للضغط على الطرفين.

مع إسرائيل، يمكنه استخدام نفوذه كحليف استراتيجي لدفع نتنياهو نحو آليات تهدئة، كما حدث في محادثات التهدئة بين إسرائيل وتركيا في أذربيجان في أبريل 2025.

ومع تركيا، يمكنه تقديم حوافز مثل إعادة أنقرة إلى برنامج F-35 أو تخفيف العقوبات، كما أشار تقرير “ذي أتلانتيك”، لكن نجاحه يعتمد على قدرته على إقناع إسرائيل بأن وجود تركيا في سوريا يمكن أن يكون ميزة، لا تهديدًا، من خلال دعم استقرار سوريا، الحد من نفوذ إيران، ومنع عودة داعش.

ومع ذلك، التحديات كبيرة، فإسرائيل تواصل تصعيدها العسكري، معتبرة أن أي نفوذ تركي قد يقيد حرية عمل سلاحها الجوي.

في المقابل، أردوغان، رغم تعهده بتجنب المواجهة، قد يضطر للرد إذا استمرت الضربات الإسرائيلية على أهداف تركية.

ترامب نفسه قد يواجه انتقادات داخلية، حيث دعا السيناتور ليندسي غراهام إلى تنسيق أوثق مع إسرائيل قبل اتخاذ قرارات مثل رفع العقوبات على سوريا.

الخلاصة: ترامب لديه الفرصة والنفوذ لمنع الصدام بين إسرائيل وتركيا، لكنه يحتاج إلى تحقيق توازن دقيق بين طمأنة إسرائيل ودعم طموحات تركيا البراغماتية، ونجاحه سيعتمد على دفع آليات تهدئة فعالة، مثل تلك التي بدأت بين إسرائيل وسوريا وتركيا، واستغلال الزخم الإيجابي من قرارات مثل رفع العقوبات وتفكك حزب العمال الكردستاني، لكن أي خطأ قد يؤدي إلى تصعيد يعيد سوريا إلى مربع الفوضى، ويضر بمصالح الجميع.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *