ماذا حدث؟
في 6 مايو 2025، أقر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي خطة “عربات جدعون”، وهي عملية عسكرية تهدف إلى توجيه ضربة قاصمة لحركة “حماس” في غزة، تدمير قدراتها العسكرية والإدارية، فرض سيطرة عسكرية إسرائيلية، وتحرير الرهائن.
تنقسم الخطة إلى ثلاث مراحل: الأولى تستهدف تدمير البنية التحتية لحماس وإعداد جنوب غزة لاستقبال النازحين، والثانية تركز على نقل السكان إلى مناطق “مطهرة” في الجنوب الغربي مع عزل عناصر الحركة، والثالثة تشمل مناورة برية للقضاء على المتبقين من حماس وتأسيس وجود عسكري دائم.
أتي هذه الخطة وسط توترات دبلوماسية، حيث أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته للشرق الأوسط في مايو 2025، رغبته في إنهاء الحرب بسرعة، مع تقارير عن حوار أمريكي مع حماس لإطلاق سراح الرهينة الأمريكي-الإسرائيلي إيدان ألكسندر.
تثير هذه التطورات تساؤلات حول مدى دعم واشنطن للخطة الإسرائيلية، خاصة مع سعيها للتفاوض على وقف إطلاق نار شامل.
لماذا هذا مهم؟
تُعد خطة “عربات جدعون” محاولة إسرائيلية طموحة لإعادة تشكيل واقع غزة، لكنها تحمل مخاطر كبيرة.
تهدف الخطة إلى القضاء على حماس عسكريًا وسياسيًا، لكنها قد تؤدي إلى احتلال طويل الأمد وتصعيد حرب العصابات، حيث تحتفظ الحركة بقدراتها على التعافي رغم خسائرها الكبيرة (20,000 قتيل وتجنيد 15,000 عنصر جديد).
تظهر مقاطع فيديو احتجاج شعبي ضد حماس بسبب الفوضى ونهب المساعدات، لكن الحركة لا تزال تدير خدمات أساسية وتسيطر على المساعدات، مما يعزز نفوذها في ظل غياب بديل حكومي.
دبلوماسيًا، تواجه الخطة انتقادات دولية حادة، حيث رفضت الأمم المتحدة المشاركة في توزيع المساعدات، معتبرة الخطة انتهاكًا للقانون الدولي.
هولندا دعت الاتحاد الأوروبي لمراجعة اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، مما يعكس عزلة دبلوماسية محتملة.
التوتر بين إسرائيل وواشنطن يزداد، حيث قد ترى إدارة ترامب أن المكاسب العسكرية لا تعوّض التكاليف الإقليمية، خاصة مع سعيها لتحقيق أهداف أوسع مثل توسيع اتفاقيات إبراهيم.
ماذا بعد؟
نجاح خطة “عربات جدعون” يعتمد على عوامل متعددة.
عسكريًا، قد تضعف الخطة قدرات حماس على المدى القصير، لكن استمرار الاحتلال قد يعزز المقاومة المسلحة، حيث تستخدم الحركة تكتيكات حرب العصابات وتعيد تصنيع الذخائر غير المنفجرة.
سياسيًا، من غير المرجح أن تستسلم حماس، نظرًا لهويتها كحركة مقاومة، وقد تستغل الاحتلال لتعبئة الدعم الشعبي.
تكتيكيًا، قد تقبل الحركة صفقات جزئية لإطلاق سراح رهائن مقابل هدن مؤقتة، لكنها ستطالب بضمانات دولية لوقف إطلاق نار طويل الأمد وانسحاب إسرائيلي.
إذا نفّذت إسرائيل الخطة بالكامل، فقد تواجه تمردًا مستمرًا وعزلة دولية متزايدة، مما يعرقل أهداف واشنطن الإقليمية.
وقد تدفع الضغوط الأمريكية والإقليمية إسرائيل لقبول تسوية تتضمن إدارة مدنية فلسطينية، مع نفوذ محدود لحماس.
ولتقليص هيمنة الحركة، يجب إنشاء سلطة بديلة لإدارة غزة، لكن ذلك يتطلب تنسيقًا دوليًا وموافقة إسرائيلية.
في النهاية، تبدو فرص القضاء النهائي على حماس ضئيلة، حيث ستظل الحركة، بأيديولوجيتها وتنظيمها، قوة مؤثرة ما لم تُوجد رؤية سياسية شاملة لحل الصراع.