ماذا حدث؟
في 16 مايو 2025، انطلقت محادثات السلام المباشرة الأولى بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، بعد أكثر من ثلاث سنوات من الغزو الروسي.
اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحادثات بدلاً من الموافقة على هدنة لمدة 30 يومًا دعا إليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لكن بوتين لم يحضر، وأرسل بدلاً منه وفدًا منخفض المستوى بقيادة فلاديمير ميدينسكي، مساعده ووزير الثقافة السابق.
من جهته، لم يحضر ترامب، رغم تواجده في الخليج على بعد أربع ساعات طيران، مفضلاً ربط حضوره بحضور بوتين.
قاد الوفد الأوكراني وزير الدفاع رستم أوميروف، في حين أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن استيائه من غياب بوتين، معتبرًا ذلك إهانة.
حذرت أوروبا بوتين من عقوبات أشد إذا فشلت المحادثات، لكن التوقعات منخفضة، حيث يرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وزيلينسكي أن روسيا غير جادة في تحقيق تقدم.
لماذا هذا مهم؟
يُبرز غياب بوتين عن المحادثات تحديات كبيرة في إنهاء الصراع الأوكراني ويكشف عن ديناميكيات جيوسياسية معقدة:
أولاً، يعكس تجاهل بوتين لدعوات ترامب لوقف إطلاق النار ضعف نفوذ الأخير، رغم تعهده بحل الصراع خلال 24 ساعة.
كما أن تهديدات ترامب المتكررة بفرض عقوبات في فبراير ومارس ومايو 2025 لم تُترجم إلى أفعال، مما يُظهر ترددًا في مواجهة بوتين مباشرة.
ثانيًا، يُظهر غياب بوتين عدم جديته في التفاوض، حيث يبدو أن المحادثات تُستخدم كمناورة لكسب الوقت أو اختبار “صداقته” مع ترامب، بدلاً من السعي لتسوية حقيقية.
ثالثًا، تؤكد المحادثات الدور المتزايد لتركيا كوسيط إقليمي، مستفيدة من علاقاتها الجيدة مع كل من بوتين وزيلينسكي.
ومع ذلك، فإن الفشل المحتمل للمحادثات قد يعزز التطرف في الخطاب الأوروبي، مع دعوات لتشديد العقوبات، بينما يواجه ترامب ضغوطًا لإثبات قدرته على التأثير على بوتين.
ماذا بعد؟
من غير المرجح أن تؤدي المحادثات الحالية إلى اختراق كبير بسبب غياب القادة الرئيسيين وعدم الثقة بين الأطراف.
أولاً، قد يواصل بوتين المماطلة، مستغلاً المحادثات لتخفيف الضغط الدولي مع الحفاظ على المكاسب العسكرية في أوكرانيا، ويشير إرسال وفد منخفض المستوى إلى أن روسيا لا تعتزم تقديم تنازلات، خاصة بشأن اقتراح أوكرانيا لوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا.
ثانيًا، يواجه ترامب خيارات صعبة: إما فرض عقوبات جديدة لاستعادة المصداقية، أو الضغط لعقد لقاء مباشر مع بوتين، وهو أمر محفوف بالمخاطر إذا استمر بوتين في التجاهل.
ثالثًا، قد تعزز أوروبا عقوباتها إذا فشلت المحادثات، مما يزيد التوتر مع روسيا ويضع ترامب في موقف حرج بين حلفائه وحساباته الداخلية.
رابعًا، ستحاول تركيا استغلال دورها كوسيط لتعزيز نفوذها، لكن نجاحها يعتمد على إقناع الطرفين بالجلوس معًا.
إذا استمر الجمود، قد يتصاعد الصراع، مما يعقد جهود أوكرانيا لاستعادة أراضيها ويزيد الضغط على ترامب لاتخاذ موقف أكثر حسمًا، ربما عبر دعم عسكري أكبر لكييف أو عقوبات اقتصادية صارمة على موسكو.