ماذا حدث؟
استفاقت طرابلس، فجر الأربعاء، على أصوات الانفجارات وإطلاق النار، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الفوضى التي عانت منها العاصمة الليبية لسنوات.
وتجددت الاشتباكات المسلحة في عدد من الأحياء، على رأسها “عين زارة” و”صلاح الدين”، وسط حالة من الذعر والخوف بين السكان، ونزوح جزئي للأهالي باتجاه مناطق أقل توتراً.
ليلة دامية للمرة الثانية
الاشتباكات جاءت استكمالاً لتصعيد لافت بدأ قبل يومين، حيث اندلعت مواجهات مسلحة عنيفة بين تشكيلات تابعة لـ”حكومة الوحدة الوطنية” وأخرى من “جهاز الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب”.
ووفق شهود عيان، تواصل إطلاق النار والانفجارات طوال ليلة الثلاثاء وحتى صباح اليوم، خاصة في محيط مطار معيتيقة ومنطقة سوق الجمعة، وسط انتشار كثيف للقوات المسلحة.
ومع تصاعد التوترات، علّقت السلطات الرحلات في مطار معيتيقة وحوّلتها إلى مصراتة، في مؤشر على تدهور الوضع الأمني.
ورفع الهلال الأحمر بطرابلس حالة التأهب القصوى، محذرًا المواطنين من التنقل العشوائي.
وفي تطور خطير، تسبب القتال قرب سجن الجُديدة في فوضى أدت إلى فرار عدد من السجناء المحكوم عليهم بأحكام مشددة.
تحذير أممي ومخاوف دولية
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أبدت “قلقها العميق” حيال القتال المتصاعد في مناطق سكنية مكتظة، داعية إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ومؤكدة استعدادها للعب دور الوسيط بهدف تهدئة الأوضاع ومنع تفاقمها.
اغتيال الككلي.. بداية شرارة الاشتباكات؟
وسائل إعلام ليبية كانت قد أفادت مساء الإثنين بمقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز الأمن (دعم الاستقرار) التابع للمجلس الرئاسي، ما أدى إلى انفجار الوضع الأمني واندلاع مواجهات عنيفة في عدة مناطق من جنوب العاصمة.
ورغم إعلان وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، انتهاء العملية العسكرية “بنجاح”، أفاد مركز طب الطوارئ والدعم الليبي بسقوط 6 قتلى.
ماذا بعد؟
أفاد شهود عيان بأن دوي الانفجارات وأصوات إطلاق النار سُمعت بكثافة في منطقتي “عين زارة” و”صلاح الدين”، ما دفع عددًا من السكان إلى مغادرة منازلهم والنزوح جزئيًا نحو مناطق يُعتقد أنها أكثر أمانًا.
وحتى الآن، لم تصدر الجهات الأمنية أو العسكرية أي توضيحات رسمية بشأن أسباب اندلاع هذه الجولة الجديدة من القتال، ما يزيد من المخاوف من انزلاق العاصمة إلى موجة عنف أوسع تُهدد ما تبقى من استقرارها الهش.
خلفية سياسية مأزومة
تتصاعد هذه التطورات في ظل انقسام سياسي مستمر بين حكومة الدبيبة المعترف بها دوليًا في طرابلس، وحكومة حماد المكلّفة من برلمان بنغازي، وسط صراع على الشرعية.
ومنذ الإطاحة بالقذافي عام 2011، تعاني ليبيا من فوضى وانقسام، في ظل تأجيل الانتخابات المقررة نهاية 2021، وبقاء البلاد رهينة التجاذبات السياسية والعسكرية.