ماذا حدث؟
أعلن الرئيس دونالد ترامب عن تخفيضات كبيرة في تمويل الأبحاث العلمية والخدمات اللوجستية الأمريكية في القارة القطبية الجنوبية، مما أثر على محطة مكموردو، أكبر مركز بحثي ولوجستي في القارة، ومؤسسة العلوم الوطنية (NSF)، التي تدعم الأبحاث الأمريكية هناك.
تشمل التخفيضات إلغاء 60 مليون دولار من الأموال الطارئة لتحسين البنية التحتية، مثل بناء رصيف شحن جديد في مكموردو وتأمين مياه الشرب في محطة أmundsen-Scott في القطب الجنوبي.
كما أُلغي تمويل مشاريع مثل السوبركمبيوتر في تكساس، وتم تسريح حوالي 10% من موظفي NSF، بما في ذلك مديرو برامج في القطبين. توقفت NSF عن إصدار منح جديدة وجمّدت تمويل المنح الحالية، مما أثار قلق العلماء من توقف الأبحاث
هذه التخفيضات تأتي وسط توسع صيني ملحوظ في القارة، حيث تمتلك الصين خمس محطات بحثية، وتخطط لإنشاء محطة صيفية سادسة بحلول 2027، إلى جانب سفن كاسحات جليد وطائرات.
هل هذا يعني انسحابًا أمريكيًا؟
لا يوجد دليل مباشر على أن ترامب يخطط لانسحاب كامل من القارة القطبية الجنوبية، لكن التخفيضات تهدد بتقليص الوجود الأمريكي بشكل كبير.
تاريخيًا، قادت الولايات المتحدة الدبلوماسية والعلم في القارة منذ معاهدة أنتاركتيكا عام 1959، وتدير ثلاث محطات دائمة: مكموردو، وأمندسن سكوت، وبالمر.
تقليص التمويل يعرض هذا الدور القيادي للخطر، خاصة مع:
– تدهور البنية التحتية: فشل رصيف الجليد في مكموردو ثلاث مرات في 12 عامًا، وتأخير التحديثات بسبب نقص التمويل يهدد العمليات اللوجستية.
– تراجع الأبحاث العلمية: تجميد المنح وتسريح العلماء يعيقان دراسات حاسمة حول المناخ وذوبان الجليد، مما يقلل من تأثير الولايات المتحدة في صياغة السياسات البيئية.
– فقدان النفوذ الجيوسياسي: محطة أمندسن سكوت في القطب الجنوبي رمزية واستراتيجية، وتقليص الوجود قد يضعف قدرة الولايات المتحدة على تفتيش المحطات الأجنبية بموجب المعاهدة.
تشير التقارير إلى أن التخفيضات جزء من استراتيجية إدارة ترامب لتقليص الإنفاق الفيدرالي، بما يتماشى مع مبادرة كفاءة الحكومة (DOGE) بقيادة إيلون ماسك.
ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على إغلاق المحطات أو الانسحاب الكامل، بل تركيز على تقليص النفقات التي تُعتبر “غير ضرورية”، مثل برامج التنوع أو بعض أبحاث المناخ.
لماذا هذا مهم؟
– التأثير العلمي: الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من العلماء في القارة، وأبحاثها حول المناخ والبيئة تدعم سياسات عالمية، مثل حماية مصايد الكريل، وقد توقف التخفيضات هذه الجهود، مما يؤثر على فهم تغير المناخ.
– النفوذ الجيوسياسي: مع توسع الصين وروسيا، اللتان تعارضان مبادرات بيئية مثل المناطق المحمية البحرية، قد تفقد الولايات المتحدة قدرتها على مواجهة ضغوطهما لتعديل معاهدة أنتاركتيكا أو إعادة فتح نقاش التعدين.
– التعاون الدولي: تعتمد دول مثل نيوزيلندا وأستراليا على اللوجستيات الأمريكية. تراجع الوجود الأمريكي قد يعيق عملياتها ويؤثر على البحث العالمي، مثل رصد درجات حرارة المحيطات.
ماذا بعد؟
– على المدى القصير: قد تستمر التخفيضات، مما يؤدي إلى تأخير المشاريع العلمية وتقليص عدد الباحثين.
جامعة هارفارد وMIT رفعتا دعوى قضائية ضد تقليص تمويل NSF، مما قد يؤخر بعض الإجراءات.
– على المدى الطويل: إذا استمرت التخفيضات، قد تفقد الولايات المتحدة قيادتها في القارة، مما يتيح للصين الفرصة لتعزيز نفوذها.
ومع ذلك، قد يضغط الكونغرس أو العلماء لاستعادة بعض التمويل، خاصة إذا أبرزوا أهمية القارة جيوسياسيًا.
وقد تدفع التخفيضات دولًا مثل أستراليا لتعزيز وجودها لسد الفجوة، بينما تستغل الصين وروسيا الفرصة لدفع أجنداتهما، مثل زيادة صيد الكريل أو تخفيف حظر التعدين.