لماذا اختار بابا الفاتيكان الجديد اسم ليو؟

البابا ليو الرابع عشر

في الثامن من مايو 2025، أصبح الكاردينال روبرت بريفوست، البالغ من العمر 69 عامًا، أول بابا أمريكي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، مُعلنًا نفسه البابا ليو الرابع عشر.

هذا الاختيار للاسم، الذي لم يُستخدم منذ أكثر من قرن، يحمل دلالات رمزية عميقة تعكس رؤيته لقيادة 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم.

لماذا اختار ليو الرابع عشر؟

لم يوضح البابا ليو الرابع عشر سبب اختياره للاسم في خطابه الأول من شرفة بازيليك القديس بطرس، لكنه أشار لاحقًا إلى إعجابه بالبابا ليو الثالث عشر (1878-1903)، الذي أصدر الرسالة البابوية “Rerum Novarum” (حول أوضاع العمال)، التي تناولت حقوق العمال والعدالة الاجتماعية في سياق الثورة الصناعية الأولى.

هذا الاختيار يعكس التزام بريفوست بمواصلة التركيز على العدالة الاجتماعية، وهي سمة بارزة في بابوية سلفه البابا فرنسيس، الذي توفي في 21 أبريل 2025.

اسم “ليو”، الذي يعني “الأسد” باللاتينية، يرمز إلى القوة والقيادة والكرامة. اختياره يضعه في سلالة من الباباوات المعروفين بالقيادة الحازمة والإصلاح.

على سبيل المثال، البابا ليو الأول (440-461)، المعروف بـ”ليو العظيم”، اشتهر بمواجهته لأتيلا الهوني، مقنعًا إياه بعدم مهاجمة روما، وبدوره في صياغة العقيدة الكاثوليكية في مجمع خلقيدونية.

أما ليو الثالث عشر، فقد وضع أسس التعليم الاجتماعي الكاثوليكي الحديث، محذرًا من استغلال الطبقة العاملة وداعيًا إلى النقابات العمالية.

خبراء مثل القس آرت بوركارو، صديق ليو الرابع عشر، يرون أن اختيار الاسم يعكس رغبته في “مواصلة دور البابا فرانسيس” في تعزيز العدالة الاجتماعية، مؤكدين أن تحسين المجتمع هو “مسؤولية مشتركة” وليس مجرد واجب الهرمية الكنسية.

كما أشارت ناتاليا إمبيراتوري-لي، رئيسة قسم الدراسات الدينية في جامعة مانهاتن، إلى أن الاسم يشير إلى أولوية العدالة الاجتماعية في بابويته.

تقليد اختيار الاسم البابوي

تقليد تغيير الاسم عند انتخاب البابا لم يكن دائمًا قائمًا منذ بداية الكنيسة، فحتى القرن السادس، استخدم الباباوات أسماءهم المعمدة، باستثناء حالات نادرة مثل ميركوريوس، الذي غير اسمه إلى يوحنا الثاني عام 532 لأن اسم “ميركوري” كان مرتبطًا بإله وثني.

بحلول القرن الحادي عشر، أصبح اختيار اسم رمزي تقليدًا راسخًا، غالبًا للإشارة إلى استمرارية الكنيسة أو تكريم الباباوات السابقين.

في منتصف القرن العشرين، بدأ الباباوات يختارون أسماء تعكس رؤيتهم لبابويتهم، كما فعل البابا فرنسيس الذي اختار اسمًا جديدًا مستوحى من القديس فرنسيس الأسيزي، رمز التواضع والسلام.

ليو هو خامس أكثر الأسماء شيوعًا بين الباباوات، إذ استخدم 13 مرة قبل بريفوست، متساويًا مع بنديكتوس ومتخلفًا عن يوحنا (23 مرة) وغريغوري (16 مرة).

اختيار اسم ليو يحمل إشارات متعددة، ليس فقط إلى ليو الثالث عشر وليو الأول، بل أيضًا إلى شخصيات مثل ليو الثالث، الذي توّج شارلمان إمبراطورًا رومانيًا مقدسًا عام 800، مما عزز العلاقة بين الكنيسة والسلطة السياسية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *