ماذا حدث؟
أقدم التلفزيون الرسمي الجزائري، سهوًا وفي لحظة مراهقة سياسية من موظف مبتدئ، قد تكون نالت منه لحظة جهل أو عاطفة خارجة عن نطاق السيطرة، فكتبت أنامله ما لم يستطع حتى هو أن ينطق به، فطلب من المذيعة أن تقرأه… كهجوم على دولة الإمارات العربية المتحدة بلغة ركيكة لا تمثل شعب الجزائر العظيم.
أولًا، المؤرخ جزائري، تحدث من الجزائر، والمذيعة جزائرية، على قناة سكاي نيوز عربية، مما يجعل قناة سكاي نيوز مجرد ملعب لمباراة حدث، فهي لا الحكم ولا هي من يلعب ويسجل الأهداف.
المؤرخ محمد الأمين بلغيث، كرر على قناة “سكاي نيوز عربية” ما سبق أن قاله على منابر جزائرية وعربية، بوصفه الخاطئ عن الهوية الأمازيغية بأنها “مشروع صهيوني-فرنسي”.
وبدلًا من الرد عليه ودحض مضمون التصريحات أو مواجهتها بالحجة، شنّ الإعلام الرسمي الجزائري هجومًا عنيفًا على دولة الإمارات، واصفًا إياها بـ”الدويلة المصطنعة”.
طيب، كيف يكون هذا الوصف ردًا على مؤرخكم في بلادكم؟ ولماذا لم تفعلوا هذا الشيء في السابق؟
تناقض فجّ.. نفس التصريحات والمكيال اختلف
تصريحات بلغيث ليست بجديدة، فقد سبق له الإدلاء بها في عدة مناسبات دون أن تُحرّك الجزائر ساكنًا.
فقد ظهر في قناة “الشروق” الجزائرية، وتحدّث بنفس الآراء في بودكاست “فنجان” الذي تنتجه شركة السعودية، كما طُرح ذات الموضوع في مقابلات عدة أبرزها لقناة “فرانس 24″، لكن كل هذه التصريحات لم تقابل بأي رد فعل رسمي أو قضائي.
هذا التفاوت الواضح فسّره كثيرون على أنه منطق اعوج، إذ لم تتحرك الجزائر حين خرج الكلام من منصات محلية أو صديقة، لكنها صعدت فجأة حين نُشر عبر منبر إعلامي تابع لدولة تختلف معها سياسيًا.
اتحاد الصحفيين والكتاب العرب في أوروبا يُدين
وأدان اتحاد الصحفيين والكتاب العرب في أوروبا بشدة اعتقال البروفيسور محمد الأمين بلغيث، في بيان شديد اللهجة صدر من باريس بتاريخ 4 مايو 2025.
واعتبر الاتحاد أن هذا الاعتقال “سابقة تمسّ بحرية التعبير والفكر في الجزائر”، واصفًا الإجراء بأنه “عجيب ومحمّل بدلالات خطيرة”.
وأكد البيان أن بلغيث ليس شخصية عادية، بل هو “أستاذ جامعي مرموق” و”صوت أكاديمي جزائري له وزنه”، وله مساهمات معروفة في الدفاع عن الهوية الوطنية.
ماذا بعد؟
في ظل هذا التصعيد السياسي والإعلامي، يظل السؤال مطروحًا، متى تتوقف الجزائر عن استخدام معايير مزدوجة في تعاملها مع الرأي العام؟ فهذه القضية كشفت هشاشة العلاقة بين السلطة وحرية التعبير، وفضحت مجددًا حدود الخطوط الحمراء في الخطاب الجزائري، بحسب مَن يقولها وأين يقولها.