ماذا يحدث؟
تشهد إيران تحولاً في سياستها الخارجية، مدفوعاً بضغوط اقتصادية وسياسية داخلية، وتغيرات إقليمية ودولية.
بعد تراجع نفوذ وكلائها الإقليميين، مثل الحوثيين وحزب الله، بسبب الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، تسعى طهران إلى إعادة صياغة علاقاتها مع الجيران والغرب، مع التركيز على الفوائد الاقتصادية.
تشير تقارير إلى تقليص دعمها للحوثيين، مع انسحابات عسكرية محتملة من اليمن، في محاولة لتجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
ذا التحول يعكس نهجاً براغماتياً يهدف إلى تخفيف العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي، بدلاً من التغيير الأيديولوجي العميق.
لماذا هذا مهم؟
تتأثر حسابات إيران الخارجية بخمسة عوامل رئيسية:
1- الدبلوماسية الاقتصادية البراغماتية: تسعى إيران للتقارب مع الولايات المتحدة، كما عبر عنه وزير الخارجية عباس عراقجي في مقال بصحيفة واشنطن بوست (8 أبريل 2025)، مقدمة إيران كسوق مفتوح للاستثمار الأمريكي إذا رُفعت العقوبات.
هذا النهج يستهدف جذب رجال أعمال مثل ستيف ويتكوف، المفاوض الأمريكي، لتخفيف التوترات، مع التغاضي عن أحداث مثل اغتيال قاسم سليماني (2020)، لكن القمع الداخلي يثير شكوكاً حول عمق هذا التحول.
2- المصالحة مع السعودية: اتفاق 2023 بوساطة صينية بين إيران والسعودية، وزيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى طهران (أبريل 2025)، يعكسان إدارة المخاطر المتبادلة. تسعى السعودية للتأثير على الحرس الثوري الإيراني لتجنب حرب إقليمية، بينما توازن إيران بين هذا التقارب وضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل.
هذه المصالحة هشة، وتظل الاستقرار طويل الأمد غير مؤكد.
3- التوجه الشرقي المحدود: تعزز إيران علاقاتها مع روسيا والصين عبر منظمات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي، لمواجهة العقوبات الأمريكية.
لكن العلاقات مع روسيا، المدفوعة بأحداث مثل غزو أوكرانيا (2022)، تفتقر إلى التنسيق الاستراتيجي، خاصة في قضايا إسرائيل وسوريا. هذا التوجه تكتيكي، يعكس الحاجة وليس تحولاً عميقاً.
4- الضغوط الداخلية: الاضطرابات السياسية والاقتصادية تدفع إيران نحو سياسة أقل أيديولوجية.
نجاح دول الخليج، مثل السعودية، في التحول إلى مراكز تجارية عالمية، يبرز عزلة إيران. يدعو المعلقون الإيرانيون إلى دبلوماسية مرنة تركز على التجارة لاستعادة النفوذ الإقليمي.
5- تقليص الحروب بالوكالة: تواجه إيران تحديات في دعم وكلائها بسبب الضغوط الأمريكية وتدخل قوى مثل روسيا.
تقليص دعم الحوثيين يعكس تركيزاً على الأمن القومي، مع توجيه الوكلاء لضبط النفس لتجنب تصعيد مع الولايات المتحدة.
ماذا بعد؟
تواجه إيران تحديات اقتصادية وأيديولوجية خلال السنوات الخمس المقبلة، مع فرص للإصلاح، وتوقيع اتفاق نووي محتمل مع الولايات المتحدة قد يخفف العقوبات، مما يعزز النمو الاقتصادي إذا سيطر البراغماتيون.
لذلك ستتحرك طهران لتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية مع الغرب والجيران، والتخلي عن الشعارات المناهضة للغرب، كما ستقلص الاعتماد على الوكلاء، مع التركيز على الاستقرار الداخلي
نجاح هذا التحول يعتمد على التغلب على الهيمنة المتشددة، وإلا ستبقى إيران معزولة إقليمياً وعالمياً.