كيف أثر ترامب على الانتخابات في كندا وأستراليا؟

دونالد ترامب

ماذا حدث؟

في أبريل ومايو 2025، شهدت كندا وأستراليا انتخابات فيدرالية أسفرت عن انتصارات تاريخية لحكومات يسار الوسط، على الرغم من توقعات سابقة بهزائم وشيكة.

في كندا، فاز الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني بـ169 مقعدًا، متغلبًا على تقدم المحافظين بزعامة بيير بواليفير، الذي خسر مقعده.

وفي أستراليا، حصل حزب العمال بقيادة أنتوني ألبانيزي على ما لا يقل عن 86 مقعدًا، محققًا أغلبية مريحة، بينما خسر زعيم الائتلاف المحافظ بيتر داتون مقعده.

قبل أشهر، أظهرت استطلاعات الرأي تقدم المحافظين في كندا بنسبة 45% مقابل 16% لليبراليين (ديسمبر 2024)، والائتلاف في أستراليا بنسبة 55% مقابل 45% لحزب العمال (فبراير 2025).

لكن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة فرض الرسوم الجمركية وتصريحاته المثيرة للجدل مثل تهديده بضم كندا كـ”ولاية 51″ وإهانته للرئيس الأوكراني، قلب المشهد السياسي، فهذه الأحداث أدت إلى رد فعل قوي من الناخبين، عزز شعبية الأحزاب الحاكمة التي قدمت نفسها كدرع ضد تقلبات ترامب.

لماذا هذا مهم؟

أثرت سياسات ترامب وخطابه العدائي بشكل عميق على ديناميكيات الانتخابات في كندا وأستراليا، مما يعكس تأثيره على السياسة العالمية.

في كندا، أثار تهديد ترامب بالرسوم الجمركية بنسبة 25% على الصادرات الرئيسية وحديثه عن الضم موجة قومية، حيث تحالف ناخبو يسار الوسط خلف كارني، الذي استفاد من سمعته كمحافظ سابق لبنكي كندا وإنجلترا.

انخفضت شعبية الحزب الديمقراطي الجديد من 21% إلى أقل من 7%، مما يظهر تصويتًا استراتيجيًا لمواجهة “خطر ترامب”.

في أستراليا، تسببت الرسوم الجمركية العالمية لترامب، بما في ذلك 10% على الحليف الأسترالي، في انخفاض الثقة بالولايات المتحدة إلى أدنى مستوى في عقدين (36% وفقًا لمعهد لوي)، مما أضر بداتون الذي تبنى خطابًا شعبويًا مشابهًا لترامب.

وجد استطلاع لشبكة ABC أن 71% من الأستراليين يرون أن تصرفات ترامب ستؤثر سلبًا على اقتصادهم، لكن أخطاء داتون الاستراتيجية، مثل تجاهل الناخبات المتعلمات والتركيز على حروب ثقافية، ساهمت بشكل كبير في هزيمته مقارنة بأداء بواليفير المحترم.

تشير هذه النتائج إلى حدود الشعبوية اليمينية في مواجهة رد فعل مناهض لترامب في الديمقراطيات الليبرالية، مع تداعيات محتملة على انتخابات قادمة في دول مثل كوريا الجنوبية واليابان.

ماذا بعد؟

من المرجح أن تستمر تداعيات تأثير ترامب على السياسة العالمية، لكن هناك خطوات يمكن أن تشكل مستقبل كندا وأستراليا:

– تعزيز المفاوضات الاقتصادية: يتعين على كارني وألبانيزي التفاوض بحذر مع إدارة ترامب لتخفيف الرسوم الجمركية، مع تنويع الشركاء التجاريين مثل الاتحاد الأوروبي والهند لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.

–  إعادة هيكلة المحافظين: في كندا، يمكن لبواليفير، الذي احتفظ بزعامة المعارضة، إعادة توجيه حزبه نحو خطاب أقل شعبوية لاستعادة الناخبين المعتدلين، في أستراليا، يحتاج الائتلاف إلى زعيم جديد يبتعد عن “ترامبية” داتون ويستهدف الناخبات والمناطق الحضرية.

– تعزيز التحالفات الإقليمية: يجب على كلا البلدين تعزيز التعاون مع حلفاء آسيا-الباسيفيك لمواجهة عدم الاستقرار الناجم عن سياسات ترامب، خاصة مع تصاعد نفوذ الصين.

– رصد ردود الفعل العالمية: قد تشهد دول أخرى، مثل كوريا الجنوبية (يونيو 2025) واليابان (يوليو 2025)، ردود فعل مماثلة ضد الشعبوية اليمينية إذا استمرت سياسات ترامب العدائية، مما يعزز الأحزاب المركزية.

– التركيز على القضايا المحلية: للحفاظ على الزخم، يجب على كارني وألبانيزي معالجة أزمات التضخم والإسكان، التي لا تزال تهم الناخبين أكثر من التوترات الدولية.

إلقاء اللوم على ترامب وحده يتجاهل الأخطاء المحلية، خاصة في أستراليا، حيث أضر نهج داتون بحزبه أكثر من تأثير ترامب.

ومع ذلك، فإن هذه الانتخابات تُظهر أن الشعبوية اليمينية قد تواجه مقاومة متزايدة في ظل بيئة عالمية مضطربة، مما يتطلب استراتيجيات سياسية أكثر مرونة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *