ماذا حدث؟
في تقرير صادم، اتهمت الأمم المتحدة الجيش السوداني والقوة المشتركة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في شمال دارفور، شملت النهب والاعتقال والتعذيب في ظروف “لاإنسانية”.
وأوضح فريق الخبراء الأممي أن عناصر من الجيش والقوة المشتركة اقتحموا أحياء ومنازل بمخيم “أبو شوك” شمال الفاشر، ونهبوها، قبل احتجاز عدد من السكان في مواقع غير مخصصة للاعتقال.
اعتقال داخل حاويات شحن
ووفق التقرير، جرى نقل المعتقلين إلى مقر بعثة “يوناميد” الأممية السابقة، حيث تم حبسهم داخل حاويات شحن معدنية لمدة وصلت إلى أسبوعين، دون توفير الحد الأدنى من الطعام أو المياه، في انتهاك واضح لأبسط المعايير الإنسانية.
وأكد التقرير أن المحتجزين تعرضوا خلال فترة اعتقالهم لأنواع متعددة من سوء المعاملة، شملت الضرب المبرح والإهانات اللفظية، بالإضافة إلى ضغوط نفسية جسيمة.
وحمّل التقرير مسؤولية هذه الانتهاكات لقيادات بارزة داخل الجيش السوداني والقوة المشتركة، مشيرًا إلى أن العمليات التي شهدتها الفاشر جرت بتوجيه وموافقة من قادة ميدانيين كبار، ما يعكس وجود تخطيط وتنسيق مسبق لهذه الجرائم.
ملاحقة النشطاء والصحفيين
وتزامنت هذه الانتهاكات مع حملة قمع واسعة النطاق نفذها الجيش السوداني ضد نشطاء وصحفيين، وسط اتهامات لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالسعي لترسيخ نظام حكم عسكري قمعي، يقمع أي صوت معارض أو دعوة للعودة إلى الحكم المدني.
وتوسعت رقعة القمع لتشمل مبادرات العمل الإنساني، حيث شنت السلطات الأمنية التابعة لحكومة بورتسودان حملة اعتقالات ضد متطوعين يعملون في مبادرات “التكايا” التي تقدم الطعام مجانًا للفقراء في العاصمة الخرطوم، مما أثار استياءً واسعًا من استهداف النشاطين الإغاثي والسياسي معًا.
وفي سياق متصل، وثّق التقرير تنفيذ عمليات اعتقال تعسفي بحق مئات المدنيين، خاصة من الشباب ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، بزعم تعاونهم مع قوات الدعم السريع، دون تقديم أي أدلة أو إجراء تحقيقات قانونية.
لماذا هذا مهم؟
ويأتي التقرير وسط تنديدات مستمرة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، التي اتهمت الجيش السوداني في مارس الماضي باعتقال نساء وأطفال دون أوامر قانونية واحتجازهم في مرافق “مزرية ومكتظة”.
وقدّم محتجزون سابقون شهادات مرعبة عن تعرضهم للتعذيب والمعاملة المهينة، وسط غياب الرقابة القانونية والحقوقية.
ماذا بعد؟
التقرير الأممي يضع المؤسسة العسكرية السودانية في مرمى الاتهامات الدولية، ويفتح الباب أمام مطالبات متزايدة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، في وقت يعيش فيه السودانيون بين فكي الحرب والقمع.