ضربة موجعة للمصانع الصينية.. كيف كشفت بيانات أبريل عن كارثة؟

المصانع لصينية

في ظل تصاعد الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين، الولايات المتحدة والصين، شهدت النشاطات الصناعية الصينية تراجعًا حادًا في أبريل 2025، مسجلة أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من عامين.

هذا الانخفاض، المدفوع بتعريفات أمريكية مرتفعة، ينذر بتداعيات عميقة ليس فقط على الصين، بل على الاقتصاد العالمي.. فما الذي يحدث، ولماذا يهم هذا العالم، وما الذي ينتظرنا؟

ماذا حدث؟

سجل مؤشر مديري المشتريات الرسمي (PMI) في الصين، وهو مقياس رئيسي للنشاط الصناعي، هبوطًا إلى 49.0 في أبريل 2025، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء، ليدخل منطقة الانكماش (أقل من 50) لأول مرة منذ يناير.

هذا الرقم، الذي جاء دون التوقعات عند 49.8، يعكس أسوأ أداء منذ مايو 2023.

وأظهرت المؤشرات الفرعية تراجعًا حادًا في الإنتاج (49.8) والطلبات الجديدة (49.2)، مع استمرار انخفاض تكاليف المواد الخام (47.0) وأسعار الإنتاج (44.8)، وحتى مؤشر Caixin PMI الخاص، الذي يركز على القطاع الخاص، تباطأ إلى 50.4 من 51.2.

يُعزى هذا التراجع إلى التعريفات الأمريكية البالغة 145% على السلع الصينية، والتي فرضها الرئيس دونالد ترامب في أبريل، مما أدى إلى تعطيل التجارة البينية بشكل كبير.

ردت الصين بتعريفات مقابلة بنسبة 125% على الواردات الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد سفن الحاويات المتجهة إلى الولايات المتحدة.

لماذا هذا مهم؟

الصين، بصفتها “مصنع العالم”، تُعد ركيزة أساسية في سلاسل التوريد العالمية، فتراجع نشاطها الصناعي لا يقتصر تأثيره على اقتصادها البالغ 18 تريليون دولار، بل يمتد إلى الأسواق العالمية.

أولًا، تُشير التعريفات المتبادلة إلى توقف شبه كامل للتجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يهدد بانخفاض التجارة البينية بنسبة تصل إلى 80%، وفقًا لمنظمة التجارة العالمية.

ثانيًا، يواجه حوالي 9 ملايين وظيفة في القطاع الصناعي الصيني خطرًا مباشرًا، مع توقعات بتأثر 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني.

ثالثًا، يفاقم هذا الوضع التحديات الداخلية للصين، مثل التضخم المنخفض وأزمة العقارات، مما يضعف الطلب المحلي.

عالميًا، تسببت هذه التوترات في تقلبات حادة في الأسواق المالية، مع تراجع مؤشرات الأسهم وانخفاض أسعار النفط وسط مخاوف من الركود الاقتصادي.

كما أن الشركات الأمريكية التي تعتمد على المكونات الصينية، مثل صناعات التكنولوجيا والسيارات، تواجه ارتفاعًا في التكاليف قد ينتقل إلى المستهلكين، مما يرفع التضخم.

ماذا بعد؟

تواجه الصين تحديًا معقدًا لاحتواء الأزمة، وقد أعلنت السلطات عن خطط لتكثيف التحفيز المالي بقيمة إضافية قد تصل إلى 2 تريليون يوان (حوالي 280 مليار دولار) لتعويض الخسائر، مع سياسات نقدية “معتدلة التساهل” تشمل خفض أسعار الفائدة وتخفيض متطلبات الاحتياطي البنكي.

ومع ذلك، يحذر خبراء مثل زيتشون هوانغ من Capital Economics من أن هذه الإجراءات قد لا تكفي لتحقيق هدف النمو البالغ 5%، متوقعين نموًا بنسبة 3.5% فقط في 2025.

على صعيد آخر، تسعى الصين لتنويع أسواقها التصديرية، مع التركيز على دول “الحزام والطريق” وجنوب شرق آسيا، كما منحت إعفاءات تعريفية لسلع أمريكية محددة مثل الأدوية والطائرات لتخفيف الضغط.

في المقابل، أظهرت الولايات المتحدة بوادر تخفيف، مع إعفاءات على السيارات والإلكترونيات، لكن المفاوضات الرسمية لا تزال متعثرة.

إذا استمر التصعيد، قد تواجه الصين موجة إغلاق مصانع وتسريح عمال، بينما قد تعاني الولايات المتحدة من ارتفاع الأسعار وتعطل سلاسل التوريد.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *