الانتخابات الكندية.. كيف سيؤثر فوز مارك كارني على العالم؟

مارك كارني

في تحول سياسي سريع، قاد مارك كارني الحزب الليبرالي الكندي للفوز في الانتخابات الفدرالية يوم 28 أبريل 2025، معززًا مكانة كندا كقوة وسطى في عالم مضطرب.

وسط تصعيد التوترات مع الولايات المتحدة، برز كارني، المصرفي السابق الذي لم يسبق له خوض الانتخابات، كرمز للثبات والكفاءة، متحديًا تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا كـ”ولاية أمريكية”. فكيف سيُشكل هذا الفوز المستقبل العالمي؟

ماذا حدث؟

في انتخابات وصفت بـ”الاستفتاء على العلاقة مع أمريكا”، حقق الحزب الليبرالي بقيادة كارني 162 مقعدًا في مجلس العموم الكندي المكون من 343 مقعدًا، ليتشكل حكومة أقلية بعد أشهر من التوقعات بهزيمة ساحقة.

استغل كارني، الذي تولى قيادة الحزب في مارس 2025 خلفًا لجاستن ترودو، موجة الغضب الوطني ضد تعريفات ترامب وتصريحاته المثيرة للجدل.

في خطاب النصر، أعلن كارني نهاية “العلاقة التقليدية” مع الولايات المتحدة، مؤكدًا: “لن تصبح كندا أبدًا جزءًا من أمريكا”.

شهدت الانتخابات إقبالًا قياسيًا بلغ 7.3 مليون ناخب مبكر، مما عكس إدراك الكنديين لأهمية هذا الحدث، لكن الانقسامات الداخلية برزت، حيث هيمن المحافظون على ألبرتا، بينما خسر زعيمهم بيير بولييفر مقعده في أوتاوا، مما أضعف موقفه.

لماذا هذا مهم؟

يمثل فوز كارني لحظة فاصلة ليس فقط لكندا، بل للتوازنات الجيوسياسية.

أولًا، تعكس النتائج رفضًا قاطعًا لضغوط ترامب، مما يعزز الشعور القومي الكندي وسط أزمة العلاقات مع واشنطن.

ثانيًا، يبرز كارني كقائد عالمي بفضل خبرته الاقتصادية كمحافظ سابق لبنكي كندا وإنجلترا، مما يمنحه القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن التعريفات الأمريكية.

ثالثًا، كشفت الانتخابات عن انقسامات إقليمية، خاصة في ألبرتا الغنية بالنفط، حيث تتحدى الحكومة المحلية المحافظة خطط كارني لتنويع صادرات الطاقة.

على الصعيد الدولي، يواجه كارني تحديات كبرى، بما في ذلك استضافة قمة مجموعة السبع في يونيو 2025، حيث سيلتقي ترامب لأول مرة، وقمة الناتو في لاهاي، التي ستختبر قدرته على تعزيز مكانة كندا كحليف موثوق، كما أن تركيزه على دعم أوكرانيا، بما في ذلك اقتراح نقل الأصول الروسية المجمدة، يعزز دوره كمدافع عن النظام الدولي القائم على القواعد.

ماذا بعد؟

سيحتاج كارني إلى توحيد كندا داخليًا لمواجهة الضغوط الخارجية.

اقتصاديًا، سيركز على تنويع التجارة بعيدًا عن الولايات المتحدة، مع تعزيز الشراكات مع أوروبا وآسيا، مستفيدًا من زياراته الأولى إلى باريس ولندن.

في مجال الطاقة، سيواجه تحديات في التنسيق مع المقاطعات، خاصة ألبرتا، لتوسيع صادرات الموارد الحيوية مثل النفط والمعادن.

أمنيًا، يتوقع الخبراء أن يسعى كارني إلى صفقات دفاعية جديدة مع دول مثل فرنسا وكوريا الجنوبية، مع إعادة تقييم التزامات كندا بشراء مقاتلات إف-35 الأمريكية.

على صعيد التكنولوجيا، من المتوقع أن يدفع كارني بتشريعات لتنظيم الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي، ردًا على التحديات الرقمية التي برزت خلال الانتخابات.

ومع اقتراب مراجعة اتفاقية التجارة الأمريكية-المكسيكية-كندية في 2026، سيحتاج كارني إلى صوت وطني موحد للدفاع عن مصالح كندا.

باختصار، فإن قيادة كارني ستحدد ما إذا كانت كندا ستظل قوة متماسكة ومؤثرة في عالم يتزايد فيه الاستقطاب، أم ستخضع لضغوط جارتها الجنوبية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *