تتصاعد التوترات بين الهند وباكستان، القوتين النوويتين، بعد هجوم إرهابي في كشمير أودى بحياة 26 سائحًا، معظمهم هنود، مما يهدد بجر المنطقة إلى صراع مدمر.
وسط هذا التصعيد، تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف دقيق، فأين ستميل واشنطن إذا اندلعت الحرب؟
ماذا حدث؟
في 23 أبريل 2025، هزت مذبحة في بلدة باهالغام بكشمير الهندية المنطقة، حيث قتل مسلحون 26 سائحًا، مما أثار غضبًا عارمًا في الهند.
اتهمت نيودلهي باكستان بدعم الهجوم، وهو ما نفته إسلام آباد، مطالبة بتحقيق محايد.
ردت الهند بتعليق معاهدة مياه السند لعام 1960، محرومة باكستان من مياه نهر السند، وهو ما وصفته إسلام آباد بـ”عمل حربي”.
تصاعدت الاشتباكات على خط السيطرة، الحدود الفعلية بين الجانبين، مع تبادل إطلاق نار لليالٍ متتالية، وأسقطت باكستان طائرة هندية بدون طيار، بينما أجرت الهند تجارب صاروخية لإظهار جاهزيتها.
وزير الدفاع الباكستاني حذر من “غزو عسكري” هندي وشيك، بينما تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بملاحقة الجناة “حتى أقاصي الأرض”.
الولايات المتحدة، بقيادة دونالد ترامب، أدانت الهجوم وأعربت عن دعمها للهند، لكنها دعت الطرفين إلى ضبط النفس، مع خطط لوزير الخارجية ماركو روبيو لإجراء محادثات مع نظيريه.
لماذا هذا مهم؟
الصراع الهندي-الباكستاني ليس مجرد نزاع إقليمي، بل أزمة ذات تداعيات عالمية بسبب الترسانتين النوويتين للبلدين، وأي تصعيد قد يؤدي إلى كارثة إنسانية ويؤثر على استقرار جنوب آسيا، وهي منطقة حيوية لمصالح الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتعزيز النمو الاقتصادي.
الهند، الشريك الاستراتيجي لواشنطن في مواجهة نفوذ الصين في المحيط الهادئ، عززت علاقاتها عبر مبادرة “U.S.-India COMPACT” للتعاون العسكري والتجاري.
في المقابل، باكستان، حليف تقليدي للولايات المتحدة، تقوّي علاقاتها مع الصين عبر ممر الصين-باكستان الاقتصادي، مما يعقد موقف واشنطن.
تعليق معاهدة مياه السند يهدد سبل العيش لملايين الباكستانيين، وقد يدفع إسلام آباد لردود فعل متطرفة.
الردع النووي منع الحرب الشاملة منذ كارجيل 1999، لكن مخاطر سوء التقدير تظل مرتفعة، خاصة مع الاضطرابات السياسية في باكستان والهند، حيث تغذي القومية الهندوسية لمودي التوترات الداخلية، وتواجه باكستان أزمات اقتصادية وتهديدات من طالبان.
ماذا بعد؟
تواجه الولايات المتحدة تحديًا دبلوماسيًا معقدًا لمنع التصعيد بين حليفيها النوويين، وستحتاج واشنطن إلى الضغط من أجل حلول دبلوماسية، ربما عبر وساطة دولية، لتهدئة التوترات واستئناف معاهدة مياه السند.
إذا فشلت هذه الجهود، قد تلجأ الهند إلى ضربات عسكرية محدودة، كما فعلت في 2016 و2019، مما قد يستفز ردًا باكستانيًا يوسع الصراع.
موقف ترامب، الذي يميل لدعم الهند كشريك استراتيجي، قد يُنظر إليه في إسلام آباد كانحياز، مما يعزز اعتماد باكستان على الصين.
الصين، التي تدعو لضبط النفس لكنها تدعم باكستان، قد تستغل الأزمة لتوسيع نفوذها في المنطقة.
على المدى الطويل، ستؤثر نتيجة هذه الأزمة على التوازنات الجيوسياسية، إذ قد تعزز الهيمنة الأمريكية إذا نجحت في احتواء الصراع، أو تضعف إذا تصاعدت الأزمة وسط غياب وساطة فعالة.