لماذا لم يفرض ترامب رسومًا جمركية على روسيا؟

ترامب وروسيا

أثارت سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية تساؤلات حادة حول استثناء روسيا من قائمة الدول الخاضعة للرسوم، رغم تهديدها الأمني المتزايد.

هذا الاستثناء، وسط فرض رسوم على 185 دولة، يكشف تناقضات في نهج الإدارة الأمريكية، ويضع علامات استفهام حول أولوياتها الاستراتيجية.

ماذا حدث؟

في 2 أبريل 2025، أعلن ترامب عن رسوم جمركية “متبادلة” على 185 دولة، مُعلقًا مؤقتًا هذه السياسة لاحقًا، مما أثار اضطرابات في الأسواق العالمية.

بينما استهدفت الإدارة دولًا كبرى مثل الصين برسوم مشددة لحماية المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية، تم استثناء روسيا، رغم عدوانها المستمر في أوكرانيا.

هذا الغزو، الذي بدأه الرئيس فلاديمير بوتين، تسبب في مقتل عشرات الآلاف، وتشريد الملايين، وتدمير البنية التحتية، مع جرائم حرب موثقة.

التجارة الأمريكية الروسية، التي تقلصت من 35 مليار دولار في 2021 إلى 3.5 مليار دولار في 2024 بسبب العقوبات، تشمل استيراد اليورانيوم المخصب والأسمدة بقيمة 1.3 مليار دولار، وتصدير قطع طائرات وأدوية.

وزير الخزانة سكوت بيسينت برر استثناء روسيا بالعقوبات الحالية، لكن دولًا مثل ليسوتو، بتجارة ثنائية أقل بكثير (240 مليون دولار)، خضعت لرسوم بنسبة 50%، وإيران، رغم مفاوضاتها مع واشنطن، فُرضت عليها رسوم بنسبة 10%، مما يكشف عن تناقض في المعايير.

لماذا هذا مهم؟

استثناء روسيا من الرسوم الجمركية يثير تساؤلات حول تماسك سياسة ترامب التجارية، خاصة مع عدوانها المستمر الذي يهدد النظام الدولي.

روسيا، بخلاف الصين التي تواجه قيودًا اقتصادية صارمة بسبب تهديداتها الأمنية، تتمتع بتساهل غير مبرر.

هذا النهج يتناقض مع سياسة “يوم التحرير” الجمركية، التي استهدفت دولًا بناءً على العجز التجاري، حيث تفوق صادرات روسيا إلى أمريكا وارداتها، مما يجعلها مرشحة للرسوم.

استمرار الاستيراد الأمريكي للسلع الروسية، مثل الأسمدة والمعادن الثمينة، يكشف عن ثغرات في العقوبات.

اقتصاد روسيا، الذي يعاني من التحول إلى اقتصاد حربي، يفتقر إلى جاذبية للاستثمار الغربي بسبب ضعف سيادة القانون ومخاطر المصادرة.

هذا التساهل يقوض مصداقية الإدارة في مواجهة تهديد روسيا، التي تتحدى التحالفات الغربية عبر الحرب الهجينة والتجسس، ويثير شكوكًا حول دوافع ترامب، خاصة مع حديثه عن تخفيف القيود على بعض الصادرات الروسية.

ماذا بعد؟

مع استمرار الحرب في أوكرانيا، يتوقع أن تواجه إدارة ترامب ضغوطًا لتشديد الإجراءات الاقتصادية ضد روسيا، بما في ذلك فرض رسوم جمركية تتماشى مع سياستها تجاه دول أخرى.

إغلاق الثغرات في العقوبات، خاصة على السلع مثل اليورانيوم والأسمدة، قد يكون خطوة حاسمة لتقليص النفوذ الروسي.

لكن أي تحرك لتخفيف القيود، كما ألمح ترامب، قد يثير انتقادات داخلية ومن حلفاء الناتو، خاصة مع تصاعد التهديدات الروسية عبر التلويح النووي والتخريب.

الإدارة قد تجد نفسها مضطرة لتوضيح معايير استثناء روسيا، خاصة مقارنة بإيران والصين، لتجنب اتهامات بالتناقض.

على المدى الطويل، ستحتاج واشنطن إلى استراتيجية شاملة توازن بين الأهداف الاقتصادية والأمنية، مع ضمان ألا تصبح روسيا استثناء يقوض مصداقية سياسة ترامب التجارية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *