هل يقود ترامب العالم إلى الركود؟

ترامب والركود

ماذا حدث؟

تتسارع وتيرة القلق الاقتصادي العالمي مع توقعات صندوق النقد الدولي التي تكشف عن تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي، مدفوعًا بسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية المتقلبة.

أصدر صندوق النقد الدولي توقعات قاتمة للنمو الاقتصادي في 2025 و2026، مشيرًا إلى أن سياسات ترامب، خاصة الزيادات الجمركية الحادة، تهدد بتعطيل سلاسل التوريد العالمية وتأجيج التضخم.

انخفضت توقعات النمو في الولايات المتحدة إلى 1.8%، وفي منطقة اليورو إلى 0.8%، بينما تتوقع ألمانيا نموًا صفريًا. المملكة المتحدة لم تسلم من التخفيض، حيث تراجع النمو المتوقع إلى 1.1%.

في المقابل، يظل وضع الهند متفائلاً بنمو 6.2%، بينما خُفض نمو الصين إلى 4% بسبب التعريفات الأمريكية.

رئيسة الصندوق، كريستالينا غورغييفا، أرجعت هذا التباطؤ إلى “إعادة هيكلة نظام التجارة العالمي” بقيادة الولايات المتحدة، مما أدى إلى تراجع ثقة الأعمال والمستهلكين.

الأسواق المالية تشهد اضطرابات، حيث خسرت البورصة الأمريكية 15% من قيمتها، وانخفضت قيمة الدولار، مما يهدد دوره كعملة احتياط عالمية.

الصندوق يحذر من أن احتمال الركود العالمي قفز من 17% إلى 30%، مع مخاطر أعلى في الولايات المتحدة بنسبة 40%.

لماذا هذا مهم؟

سياسات ترامب الاقتصادية، التي تجمع بين التعريفات الجمركية وأهداف متضاربة مثل تمويل التخفيضات الضريبية وإعادة الصناعات إلى أمريكا، تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.

هذه السياسات لا تعطل التجارة فحسب، بل تهدد بإنهاء عصر العولمة الذي قاد التوسع الاقتصادي منذ عقود.

لكن العولمة خلقت فائزين وخاسرين، ويراهن ترامب على أن التعريفات ستعيد التوازن لصالح أمريكا، رغم أنها قد تؤدي إلى ردود فعل تجارية مضادة وتضخم يعرقل جهود البنوك المركزية.

التقلبات المالية تضرب الأسواق، حيث يتجنب المستثمرون الأجانب سندات الخزانة الأمريكية، مما يرفع تكلفة الدين الحكومي.

هذا يضع ضغوطًا على الاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك المملكة المتحدة، التي قد تواجه زيادات ضريبية أو تخفيضات في الإنفاق.

في الوقت نفسه، تعكس التوقعات تفاوتًا عالميًا، فالدول النامية مثل الهند تواصل النمو بقوة، بينما تواجه الاقتصادات الكبرى تباطؤًا قد يعيد إلى الأذهان أزمة 2008 المالية.

ماذا بعد؟

مستقبل الاقتصاد العالمي يتوقف على قدرة ترامب على ضبط سياساته، إذا استمرت التعريفات والتقلبات، فقد تتفاقم الأزمة، مما يدفع العالم نحو الركود أو يعيد سيناريو الثلاثينيات، حيث انقسمت الأسواق إلى كتل تجارية متنافسة، وقد تلجأ الدول إلى تخفيضات تنافسية في العملات، مما يعقد التجارة دون فائدة تُذكر.

لكن هناك أمل في تجنب الكارثة إذا تعاونت الحكومات والبنوك المركزية، كما حدث في 2008.

الضغط المتزايد على الديون العامة قد يدفع دولًا مثل المملكة المتحدة إلى إعادة تقييم سياساتها المالية، في الوقت نفسه، قد تستغل الصين والهند هذا الاضطراب لتعزيز نفوذهما الاقتصادي.

الأمر يتطلب استقرارًا في السياسات الأمريكية وتنسيقًا دوليًا لتجنب تكرار أخطاء الماضي، وإلا فإن العالم قد يواجه تباطؤًا طويل الأمد يدفع ثمنه الجميع.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *