ماذا حدث؟
في 12 أبريل 2025، عقدت الولايات المتحدة وإيران الجولة الأولى من المفاوضات النووية في مسقط، ثم بعدها عقدت جولة ثانية في روما.
لكن الخلافات حول موقع المحادثات والمطالب الأمريكية القوية أثارت شكوكًا حول إمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي، فالرئيس دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض، أعاد فرض سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، مطالبًا بوقف برنامجها النووي وتدمير مخزونها الصاروخي، وهي مطالب رفضتها طهران بشدة.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد أن برنامج الصواريخ غير قابل للتفاوض، مما يعقد المشهد.
في الوقت نفسه، تواجه إيران ضغوطًا داخلية وخارجية متزايدة، فالعقوبات الاقتصادية أضعفت الطبقة الوسطى، بينما أدت الضربات الإسرائيلية ضد إيران وحلفائها إلى تآكل نفوذ “محور المقاومة”.
على الجانب الأمريكي، يبدو ترامب حريصًا على تجنب التصعيد العسكري، حيث رفض اقتراحات إسرائيلية لضرب أهداف إيرانية، مفضلاً المفاوضات كخيار استراتيجي.
لماذا هذا مهم؟
تمثل هذه المفاوضات لحظة فارقة للشرق الأوسط، حيث تتقاطع مصالح القوى الإقليمية والدولية.
بالنسبة لإيران، يعد التوصل إلى اتفاق أمرًا حيويًا لتخفيف العقوبات واستعادة الاستقرار الاقتصادي، لكنها لا تستطيع الاستسلام لمطالب أمريكية تُضعف دفاعاتها، خاصة بعد تراجع حلفائها مثل نظام الأسد في سوريا.
الصواريخ الإيرانية أصبحت ركيزة أساسية لردعها، مما يجعل التفاوض حولها شبه مستحيل.
من جهة أخرى، يعكس الموقف الأمريكي توازنًا دقيقًا، فترامب يسعى لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي دون الانجرار إلى حرب إقليمية، وهو ما يحظى بدعم إسرائيل وبعض الحلفاء.
لكن المشهد الإقليمي تغير، فالسعودية، التي كانت تاريخيًا مناهضة لإيران، بدأت منذ 2023، بوساطة صينية، في تطبيع العلاقات مع طهران، بهدف دعم استقرار المنطقة وتحقيق رؤية 2030.
هذا التحول يعكس رغبة إقليمية متزايدة في الاستقرار، لكنه يصطدم بالتوترات المستمرة، مثل الضربات الإسرائيلية في سوريا والعنف المتصاعد هناك بعد سقوط الأسد.
ماذا بعد؟
مستقبل هذه المفاوضات يعتمد على قدرة الأطراف على تجاوز الخلافات، فإذا نجحت الولايات المتحدة وإيران في التوصل إلى اتفاق، فقد يخفف ذلك التوترات الاقتصادية في إيران ويعزز الاستقرار الإقليمي، خاصة مع دعم دول الخليج لهذا الاتجاه، لكن تصلب المواقف قد يؤدي إلى فشل المحادثات، مما يعزز التيار المتشدد في إيران ويزيد من مخاطر التصعيد.
في الوقت نفسه، تتسع الفجوة لتأثير قوى أخرى، فالصين، التي تستفيد من مبادرة الحزام والطريق، قد توسع نفوذها في المنطقة إذا استمر الجمود، خاصة مع تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع إيران والسعودية.
أما روسيا، التي تراجع دورها في سوريا، فقد تسعى لاستعادة موطئ قدم من خلال الدبلوماسية.
الضرر الأكبر يقع على شعوب المنطقة، الذين يعانون من الحروب وارتفاع الأسعار وانعدام الأمن.
الاتفاق النووي قد يكون مفتاحًا لتخفيف هذه الأعباء، لكنه يتطلب تنازلات متبادلة وإرادة سياسية جريئة.